عنوان الفتوى : حكم كذب المرأة على زوجها حتى لا يأخذ من مالها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

ما حكم امرأة تكذب على زوجها لعدة أسباب معظمها لدفع الضرر، فزوجها، لا يعمل، ولا يبحث عن العمل، هو كبير في السن، لكن صحته لا زالت تسمح له بأن يعمل، هو لا يتحمل المسؤولية، يترك زوجته تقوم بكل شيء؛ تعول العائلة، تؤدي الإيجار، تجلب الأكل، تطلب من الناس المساعدة، وهي من تعتني بشؤون البيت كله، فهو لا يقوم بأي شيء، ولا يريد القيام بأي شيء، والمشكلة هي أنه يدخن، و كلما علم أن زوجته لديها المال يطلب منها إعطاءه المال ليدخن، أو يذهب للمقاهي، لهذا فالزوجة تكذب عليه، ولا تقول عما تمتلك من مال، حتى وإن سألها تكذب عما تملك؛ لكي لا يسألها المال ، فهي تحتاج أن تعيل به البيت، ولا تحب أن تعطيه، فهو سيستخدمه في التدخين، حتى الأبناء لا يعطونه المال إلا مرات قليلة؛ لأنهم يقولون أنها ستذهب للتدخين، فما حكم هذه المرأة ؟ هل تأثم بسبب كذبها على زوجها؟ علما أنه رغم أنها تكذب عليه فهو يعلم أنها تملك المال، وتكذب عليه، وفي النهاية يبحث ويجد المال في البيت، وتحدث مشكلة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

يلزم الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، ولو كانت الزوجة غنية أو تعمل، وقد سبق بيان أدلة ذلك من الكتاب والسنة والإجماع في جواب السؤال رقم:(3054). 

كما يلزمه أن يقوم على أسرته وحاجاتهم، ما لم يضعف عن ذلك ضعفا حقيقا، لا مجرد دعوى، ولا بطالة وكسل؛ فيقوم به، حال عجزه وضعفه: أولاده أو تتبرع الزوجة بذلك.

ثانيا:

لا يجوز للزوج أن يأخذ من راتب زوجته دون رضاها، إلا إذا لم تكن تعمل عند عقد الزواج، ولم تشترط عليه العمل، فله أن يمنعها من العمل إلا أن تعطيه من راتبها، كما بينا في جواب السؤال:(3054). 

ثالثا:

إذا كان الزوج لا يحل له شيء من راتب الزوجة بحسب ما قدمنا، فلها أن تمنعه المال.

فإن خشيت النزاع وسوء العشرة، فلها تنكر وجود المال، وتستعمل في ذلك التورية أو التعريض، ففي التورية مخرج ومفرّ من الكذب، كأن تقول: ما عندي مال، أي في المحفظة أو في الخزانة، ويكون معها مال في مكان آخر مثلا.

فإن اضطرت للكذب، فلا حرج عليها؛ إذ يجوز الكذب لحفظ المال، أو تحصيله ممن أخذه بغير حق.

قال النووي رحمه الله: "اعلم أن الكذب، وإن كان أصله محرما، فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب:"الأذكار" .

ومختصر ذلك: أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب: يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب.

ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا، كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا، كان الكذب واجبا. فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله، أو أخذ ماله، وأخفى ماله، وسئل إنسان عنه: وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة، وأراد ظالم أخذها، وجب الكذب بإخفائها.

والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية: أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا، ليس هو كاذبا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب.

ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب، فليس بحرام في هذا الحال" انتهى من "رياض الصالحين" ص439.

وقال ابن القيم رحمه الله في الفوائد المستفادة من غزوة خيبر: " ومنها: جواز كذب الإنسان على نفسه وعلى غيره، إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجّاج بن عِلاط على المسلمين، حتى أخذ مالَه من مكة من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب" انتهى من "زاد المعاد" (3/350).

وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/11) في بيان حكم الكذب:

" قال ابن الجوزي: وضابطه: أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب، فهو مباح إن كان ذلك المقصود مباحا, وإن كان واجبا فهو واجب. وهو مراد الأصحاب.

ومرادهم هنا: لغير حاجة وضرورة؛ فإنه يجب الكذب إذا كان فيه عصمة مسلم من القتل ".

إلى أن قال: " ومهما أمكن المعاريض: حرم، وهو ظاهر كلام غير واحد، وصرح به آخرون لعدم الحاجة إذاً ... " انتهى.

رابعا:

يحرم شرب الدخان، ولا يجوز إعانة أحد على شربه، فلا يجوز لهذه الزوجة أن تعطي مالها لزوجها يشتري به دخانا. وينظر: جواب السؤال رقم:(10922). 

والله أعلم.