عنوان الفتوى : البقاء مع امرأة تتهاون بالطهارة والصلاة
قبل أن أطرح مشكلتي، أود أن أشكركم جزيل الشكر على كل المساعدات والمجهودات التي تبذلونها في هذا الموقع، فجزاكم الله عنا كل خير. أنا من المغرب، وعمري 31 سنة، متزوج مند 4 سنوات من ابنة خالتي، وأنا موظف، ولدي ابنة عمرها سنتان، وزوجتي عمرها 27 سنة. مند أن تزوجت وأنا في مشاكل لا تنتهي، فما إن ننتهي من مشكلة وخصومة حتى نقع في أخرى، وقد تستمر الخصومة أيامًا، وأكون في أغلبها أنا المبادر بالصلح والاعتذار، على أمل أن نفهم بعضنا، لكن دون جدوى، وقبل الزواج لم تكن لديّ أي علاقة بأي امرأة؛ مما جعلني قليل الخبرة بالنساء عامة، وسأحاول أن ألخص جل المشاكل التي نتشاجر بسببها: 1- زوجتي تتهاون في أمر الصلاة بشكل كبير، وهذه هي أكبر مشكلة أعاني منها معها، ولم أترك طريقة إلا واتبعتها معها عسى أن تتبدل، لكن دون جدوى، حتى أصبحت أخشى على نفسي وديني معها، وهي لا تحب أن نتحدث، أو نشاهد ماله علاقة بالدين كثيرًا، وهذا ما لا يمكن أن أصبر عليه. 2- هي لا تعجبها طريقة تفكيري، أو نظرتي للحياة، وتقول: أنت تفكر في الآخرة على حساب الدنيا، ولا تحب أن يقول عني الناس أبدًا: إنسان طيب؛ لأني بطبعي إنسان لا يحب أذية الآخرين، ولو بكلمة، وأحاول قدر الإمكان أن أحسن الظن في الناس، وأتغافل عن بعض الأمور حتى يستمر الود، ولكن ليس على حساب كرامتي أو شخصيتي، بل في حدود المعقول، فأحترم من يحترمني؛ لهذا يحترمني الجميع. 3- لا أجيد الكلام كثيرًا، أو الضحك والمزاح، ويغلب على شخصيتي طابع الجدية قليلًا، وتقول لي: أنت ممل، لا تعرف الكلام، ولا تجيد الحديث. 4- لا تهتم بنفسها، ولا تمكنني من حقوقي الشرعية، وإذا طالبتها بالاغتسال والتزين، فكثيرًا ما تعترض، وإذا جامعتها فإنها تؤجل الاغتسال إلى ثلاثة أيام تكاسلًا، وخوفًا من البرد، وهذا يجعلني أغضب عليها، ولا أستطيع كتمان غيظي. 3- تقول عني: إني قاسي القلب، ولست بعطوف عليها، خصوصًا عندما تمرض أو تبكي، ولكن كلما تشاجرنا أتذكر كل تلك الصفات التي لا أحبها فيها، وعنادها، وتطاولها، وقلة احترامها لي، فأجد نفسي لا أستطيع أن أقول لها أي كلمة، وأتمنى في تلك اللحظة أن تختفي من حياتي، ولولا ابنتي، وحبي لها، وخوفي عليها؛ لكنت طلقتها منذ زمان. والغريب في الأمر أننا كلما تشاجرنا، نتصالح في نهاية المطاف، وأظن أنها ستتغير، ولكن بمجرد أن يصدر مني تصرف، أو قول لم أقصده، إذا بها تغضب وتعود الأمور كما كانت؛ حتى أصبت بالملل، والضجر منها، فأصبحت في قرارة نفسي أتمنى أن تختفي من حياتي وأرتاح، وأجد امرأة أخرى تحبني كما أنا، وأجد فيها ما أحب، وتعينني على أمر ديني. ملاحظة: قبل زواجي منها كانت تقول لي: إنها تصلي، ولو لم تكن تصلي لما تزوجتها، وفيها بعض الصفات الأخرى الجيدة، مثل حبها للخير، واحترامها لوالدي، واعتنائها بابنتنا، وإحساسها بالمسؤولية، وقلة طلباتها، لكن جهلها بدينها يغطي كل شيء جميل فيها. فأرجو منكم أن ترشدوني، فأنا الآن بين نارين: إما أن أختار راحتي وسعادتي، فأبتعد عنها وأطلقها، وإما أن أصبر، عسى أن تتبدل، وحرصًا على ابنتي، والحفاظ على العلاقة الأسرية، وما يمكن أن يترتب عن الطلاق من أضرار.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله عز وجل أن ينفعك بما يكتب فيه، وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا.
وقد أحسنت بحرصك على السؤال عما تحتاج إلى معرفة حكمه الشرعي، ففي ذلك امتثال لقول الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
واعلم أن ما ذكرت من كونك لم تكن لك علاقة بالنساء قبل الزواج، يعتبر نعمة لا نقمة، ويحسب لك لا عليك، فيحرم شرعًا أن يكون المسلم على علاقة بامرأة أجنبية عنه، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 30003، والفتوى رقم: 61255. ثم إن الغالب في مثل هذه العلاقة أن يكون فيها التكلف، فيصعب معها معرفة حقيقة المرأة.
وإن كانت زوجتك تفرط في الصلاة، فهذا خطب عظيم، وأمر جليل، فالصلاة عماد الدين، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. وسبق أن بينا بعض نصوص الوعيد المتعلقة بذلك، فراجع الفتوى رقم: 47422.
فوصيتنا لك أن تستمر في نصح زوجتك، وتذكيرها بالله، ويمكن أن يكون النصح من قبل من يرجى أن تقبل قوله، هذا مع الدعاء لها بالتوبة، والهداية.
وتهاونها في الصلاة، غالبًا ما يكون سبب تهاونها في أمر الطهارة، وهذا أيضًا أمر خطير.
ويجب عليها أن تطيعك في الأمور المتعلقة بالمعاشرة الزوجية، وتؤدي إليك حقوقك الشرعية، فإن لم تفعل، فهي امرأة ناشز، ولمعرفة كيفية علاج النشوز، راجع الفتوى رقم: 1103.
وإذا انصلح حالها، وتابت إلى ربها، وحافظت على صلاتها، ورجعت عن نشوزها، فذاك. وإلا فطلاق مثلها مستحب، كما هو مبين في الفتوى رقم: 121997. وإن رأيت الصبر عليها، والاستمرار في محاولة إصلاحها، فلا بأس.
ومعاشرة الزوج زوجته بالمعروف، مما أمر الله عز وجل بها في كتابه، كما قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، ويدخل في ذلك اللطف في معاملتها، ونحو ذلك مما ذكره أهل العلم مما يدخل تحت هذا المعنى، وقد بيناه في الفتوى رقم: 134877، وقد ضمناها أيضًا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حسن تعامله مع نسائه، فلك فيه أسوة حسنة، فأحسن التعامل مع زوجتك، واجعل هذه المآخذ التي تأخذها عليك نصب عينيك، وتكلف هذه الملاطفة، فربما أصبحت فيما بعد سجية لك، وربما أعانك ذلك في التأثير على زوجتك، ويجعلها تقبل نصحك.
وننبه إلى أن من المهم أن يحسن الرجل اختيار زوجته، وأن يبحث عن صاحبة الدين والخلق، ويسأل عنها الثقات الذين يعرفونها، ولا يكتفي بإخبارها هي عن نفسها، أو أن يخدع بما ظهر له منها، هذا بالإضافة إلى الاستخارة فيها، وراجع الفتوى رقم: 8757.
والله أعلم.