عنوان الفتوى : من اشتد غضبه حتى تلفظ بالطلاق ولم يشعر بذلك
أشكر لكم جهودكم، وأود طرح هذه المشكلة للحصول على الفتوى. قبل فترة حصل بيني وبين زوجي خلاف، وكان هو في وقتها في شدة الغضب، وقال لي: أنت طالق. أنت طالق. في نفس الوقت متتاليات. وكنت حائضًا، وهو يعلم ذلك، ثم بعد هدوئه قلت له: أنت طلقتني، فقال: لا، أنا لم أطلقك، وأنا لا أذكر أني نطقت بالطلاق، فهل يقع الطلاق؟ وإذا وقع فهل تحسب طلقة أم طلقتين؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت من اشتداد غضب زوجك عند تلفظه بالطلاق؛ حتى أنه لم يشعر بذلك، فلا يقع طلاقه عليك، وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عمن تسيء إليه زوجته، وتشتمه، فطلقها في حال الغضب، فأجاب:
إذا كان الطلاق المذكور وقع منك في حالة شدة الغضب، وغيبة الشعور، وأنك لم تدرك نفسك، ولم تضبط أعصابك بسبب كلامها السيئ، وسبها لك، وشتائمها، ونحو ذلك، وأنك طلقت هذا الطلاق في حال شدة الغضب، وغيبة الشعور، وهي معترفة بذلك، أو لديك من يشهد بذلك من الشهود العدول، فإنه لا يقع الطلاق؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على أن شدة الغضب - وإذا كان معها غيبة الشعور كان أعظم - لا يقع بها الطلاق. اهـ.
واعلمي أنّ الطلاق في الحيض طلاق بدعي محرم، لكنه نافذ عند أكثر أهل العلم، وأن من كرر لفظ الطلاق بغرض التأكيد، لم يتكرر طلاقه، وراجعي الفتوى رقم: 266980، والفتوى رقم: 258196.
كما ننبه إلى أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري. قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير.
والله أعلم.