عنوان الفتوى : طلب المرأة الطلاق بسبب الخلافات القديمة
أرجو منكم التفضل بالإجابة عن سؤالي التالي، وأعتذر منكم على الإطالة: زوجتي تطلب الطلاق بسبب خلافات قديمة، كانت تحدث بيننا نتيجة أخطاء تحدث مني أو منها، وأنا بطبعي عصبي، ولا أطيق أن ترفع زوجتي صوتها عليّ؛ مما يضطرني أن أضربها. آخر مرة كانت منذ 9 شهور تقريبًا، وهي ما زالت تطلب الطلاق، مع العلم أني صالحتها أكثر من 3 مرات، وكنت أعطيها الهدايا لإثبات حسن النية، وآخر مرة تصالحنا ووعدتها أن أعاملها بما يرضي الله، وحتى أثبت لها أني صادق في كلامي سمحت لها بالسفر مع أهلها، وبالفعل ذهبت إلى شركة السياحة لاستخراج تأشيرة السفر، وذلك دون علمي أو دون أن تخبرني، إلا أنه في رمضان الماضي اتصلت شركة السياحة، وأخبرتني أن تأشيرة السفر لزوجتي جاهزة، فأخبرتها وعاتبتها أنها ذهبت دون علمي. ومنذ ذلك اليوم وهي تطلب الطلاق بحجة الخلافات القديمة، وعندما أقول لها: إن طلبك الطلاق غير مقنع؛ بدليل أننا تصالحنا، وأنك سافرتِ إلا أنها تقول لي إنها وافقت نظرًا لظروف صحية ألمت بي، مع العلم أن الظروف الصحية ليست خطيرة، وليس لها معنى بشهادة الأطباء. وإلى الآن هي مصرّة على الطلاق، وعندما أتحدث معها ترد عليّ "بأني ليس لي حكم عليها"، وفي نفس الوقت تطالبني بأن أصرف عليها، وكنت تحدثت مع والدها 3 مرات في هذا الشأن؛ لكي تعدل عن قرارها، وإلى الآن لم يصلني أي رد منه، وهي ما زالت مصرة على الطلاق، وأنا الآن أفكر جادًّا في تطليقها؛ وذلك بعد أن استخرت الله في هذا الشأن، فأرجو منكم إفادتي: هل تجب عليّ النفقة؟ وهل تستحق مؤخر الصداق؟ وهل موافقتي على طلبها يعتبر إقرارًا مني أن أريد أن أطلقها، ويحق لها مطالبتي بالنفقة وخلافه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك قد خرجت وذهبت إلى شركة السياحة بغير إذنك، فقد أخطأت خطأ بينًا، فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، فإن فعلت، فهي ناشز، وراجع الفتوى رقم: 79536، وقد ضمنا هذه الفتوى أيضًا بيان عدم جواز طلب المرأة الطلاق لغير مسوغ شرعي، ومجرد ما كان من خلافات قديمة لا يعتبر مسوغًا شرعيًّا لطلب الطلاق.
فإن لم ترجع زوجتك عن نشوزها، فلا تجب عليك نفقتها، فالنشوز مسقط للنفقة حتى ترجع المرأة عن نشوزها إلا أن تكون حاملًا، وراجع الفتوى رقم: 292666.
وقد جانب زوجتك الصواب بقولها: إنك ليس لك حكم عليها، فقد جعل الشرع للزوج القوامة على زوجته.
وإذا استمرت في نشوزها، فلك الحق في تأديبها، وفقًا لما جاء به الشرع، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء35-34}.
فيمكنك في نهاية المطاف أن تحكم العقلاء من أهلك وأهلها، عسى الله أن يجري الصلح على أيديهم، فإن لم تُجْدِ هذه المساعي، وترجحت مصلحة الطلاق، ففارقها.
ولا يقع الطلاق بمجرد موافقتك على طلبها حتى يحصل منك طلاقها حقيقة بالتلفظ بالطلاق، أو كتابته، مريدًا إيقاعه بهذه الكتابة، فإن وقع الطلاق، فإنها تستحق مؤخر الصداق، فلا يسقط ذلك عنك إلا أن تسقطه هي.
وإذا استمرت على النشوز، فلا تستحق النفقة في العدة. ولمعرفة حقوق المطلقة على وجه العموم راجع الفتوى رقم: 351982، وقد أوضحنا فيها أيضًا جواز عضل الناشز حتى تفتدي من زوجها بمال ونحوه.
والله أعلم.