عنوان الفتوى : تجريح الدعاة والناس والحكم عليهم بالبدعة والضلالة.. رؤية شرعية
أنا في حيرة واضطراب شديد والوسواس القهري يقتلني ويخيفني بأنني صرت إمعة ضالا خارجا عن السنة، فهل هذا الكلام صحيح: أنا أقول إنه لا يلزمني أن أعتقد أن فلانا مبتدع من الدعاة، إلا إذا بدعه جميع العلماء أو انتشرت بدعته ولم ينكروا ذلك، فإن الله لن يسألني عنه يوم القيامة، فأنا أقول مثلا: أنكر البدع والضلالات التي عند فلان، وأما اعتقاد أنه مبتدع فإنني أتوقف وأنقل فقط كلام العلماء فيه دون اعتقاد وإن أحببتم معرفة رأيي فيه فأنا أجعل العالم الفلاني مرجعي فيه، فهل هذا يخرجني من السلفية؟ وهل أنا مذنب إذا قلت فلانا عنده بدع ورد عليه أهل العلم وبدعه فلان وفلان، ولا أزيد على هذا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الظاهرة والتي هي تبديع الناس والاشتغال بالحكم على الدعاة والمصلحين ظاهرة غريبة على منهج أهل السنة والجماعة، والواجب على العاقل أن يشتغل بنفسه فيصلحها ويلزمها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يبتعد عن خطة السوء تلك والتي هي الحكم على الناس والاشتغال بتصنيفهم بحيث يصير كل من خالف ما هو عليه مبتدعا ضالا خارجا عن السنة، وتبديع الناس والوقوع في أعراض الدعاة والمصلحين ليس من الدين، ولا يحمل عليه رأي رشيد ولا هدي سديد، نعم إذا قال شخص قولا باطلا مجمعا على بطلانه، فإنه يرد عليه ما قال به، وإذا غلب شره خيره فإنه يحذر ويحذر منه، لكن أين هذا مما يفعله كثير من منتحلي العلم من تجريح الناس والخوض في أعراضهم والدخول في نياتهم ومقاصدهم ثم الحكم عليهم بالبدعة والضلالة ومنابذة السنة، ولو شعروا لعلموا أنهم هم من خالف السنة وحاد عنها، وراجع رسالة الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ تصنيف الناس بين الظن واليقين، وراجع كذلك كتاب منهج أهل السنة في تقويم الرجال، وإذا علمت هذا، فالذي ننصحك به هو الابتعاد عن هذه السابلة المذمومة، وأن تجتهد في إصلاح نفسك وإلزامها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس تركك تبديع من لم يقطع ببدعته من الوسوسة، بل هو من الورع المحمود.
والله أعلم.