عنوان الفتوى : الإنسان يعمل باختياره والله يراقب أعماله ويجازيه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني الأفاضل لقد دار حوار بيني وبين زميلي في العمل حول الإرادة فقال إن الله تعالى هو المسؤل عن إرادة الناس كافة حتى الإيمان أو الكفر فقلت له: إن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر وإن كفر الإنسان نتيجة رضاه واختياره لهذا الطريق والدليل أن الله تعالى قد بعث الأنبياء مبشرين ومنذرين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن ما قلته لصاحبك هو الحق، وذلك أن الله خلق الإنسان وأعطاه إرادة ومشيئة وقدرة واستطاعة واختيارًا، وجعل فيه قابلية الخير والشر. قال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[الشمس:7، 8]. وقال تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ[المائدة:34]. وقال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97]. وقال تعالى: وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا[آل عمران:145]. وقال تعالى: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً[الإنسان:29]. وفي الحديث: إن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده رواه البخاري. وقد كلف الله الإنسان وألزمه الأحكام باعتبار ما أعطاه من العقل والطاقات والإرادة، فإذا فقد هذه الأشياء فعجز أو أُكره أو حبس لم يعد مكلفًا. وبناء على هذا، فإن الإنسان يعمل باختياره يأكل ما شاء، ويتزوج من شاء، ويعمل ما شاء، والله يراقب أعماله ويجازيه. قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ [التوبة:105]. وقال تعالى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32]. قال الشيخ الألباني : أدلة الوحي تفيد أن للإنسان كسبًا وعملاً وقدرة وإرادة، وبسبب تصرفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار. هذا؛ ويجب التنبه إلى البعد عن الجدال والخوض في القدر، عملاً بحديث ابن مسعود رضي الله عنه: إذا ذكر القدر فأمسكوا. رواه الطبراني وصححه الألباني. كما يجب التنبه إلى أن العبد وعمله ومشيئته من خلق الله. قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان: من الآية30]. وقال: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96]. وفي الحديث: إن الله خالق كل صانع وصنعته. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي والألباني. وراجع شفاء العليل لابن القيم ، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5617، 2887، 4054. والله أعلم.