عنوان الفتوى : الأصل بناء الأحكام على الغالب.
هل هذه المقولة فعلا صحيحة أن الشيخ ابن تيمية قال: الشاذ لا حكم فيه؟ وما معنى ذلك مع التوضيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلم يتيسر لنا العثور على هذه العبارة في شيء من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، إلا أن من المعلوم عند الفقهاء أن الأحكام إنما تبنى على الغالب، قال الحافظ ابن حجر في الفتح تعليقًا على حديث أبي بردة عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على كل مسلم صدقة. وفي الحديث أن الأحكام تجري على الغالب؛ لأن في المسلمين من يأخذ الصدقة المأمور بصرفها، وقد قال: على كل مسلم صدقة. اهـ. والحديث رواه البخاري ومسلم. وقال ابن القيم : في "زاد المعاد": ووجود الشبه بين الأجانب وانتفاؤه بين الأقارب وإن كان واقعًا فهو أندر شيء، والأحكام إنما هي للغالب الكثير، والنادر في حكم المعدوم. اهـ ومن أمثلة استعمالات هذه القاعدة عند الفقهاء ما قاله السرخسي في المبسوط من قوله: والحكم ينبني على العام الغالب دون الشاذ النادر، ألا ترى أن نوم المضطجع جعل حدثًا على الغالب ممن حاله أن يخرج منه لزوال الاستمساك، وسكوت البكر رضاً لأجل الحياء بناء على الغالب من حال البكر، والشاذ يلحق بالعام الغالب. اهـ وننبه هنا إلى أن الأحكام قد تبنى على الشاذ النادر أحيانًا، ذكر ذلك القرافي في فروقه، حيث قال: وقد يلغي الشرع الغالب رحمة بالعباد، وتقديمه قسمان: قسم يعتبر في النادر، وقسم يلغيان فيه معًا. اهـ وقد ذكر لكل قسم أمثلة فليراجعها من شاء لمزيد الفائدة، وذلك عند كلامه عن الفرق التاسع والثلاثين والمائتين. والله أعلم.