عنوان الفتوى : حكم من صلى العشاء ثم تذكر أنه لم يسلم من المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. إذا دخلت صلاة العشاء بنية المغرب - لعذر شرعي - ثم قمت لصلاة العشاء دون أن أسلم من المغرب، و بعد تسليمي من العشاء تذكرت أني لم أسلم من المغرب، فما يجب علي؟ هل أعيد المغرب و العشاء؟ أم أسجد للسهو و أعيد العشاء - عند من يشترط الترتيب - أم أسجد فقط؟ و إذا ذكرت أني لم أسلم من المغرب أثناء صلاة العشاء هل أخِر لسجود السهو أم أعيد الركعةالثالثة من المغرب و أسجد للسهو؟ مع ذكر اسم المجيب و بارك الله فيكم. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فبما أنك قد قمت للعشاء قبل أن تسلم من المغرب فإن صلاة العشاء تعتبر لاغية لأنك دخلت فيها وأنت متلبس بالمغرب قبل طول الفصل. وقد اختلف أهل العلم في مقدار طول الفصل فقال بعضهم: هو راجع للعادة. وقال آخرون: هو بمقدار الصلاة التي حصل فيها الخلل. وقال آخرون: قدر ركعة. وقد اعتبر الشافعية صلاة ركعتين فاصلا طويلاً قطعاً كما في تحفة المحتاج. واعتبر المالكية ما زاد على قراءة الفاتحة فاصلاً طويلاً كما في شرح الدردير. وعليه فالفاصل في مسألتنا طويل، فعليك أن تعيد المغرب والعشاء، هذا إذا تذكرت بعد السلام من العشاء، أما إذا تذكرت قبل السلام من العشاء فإن كان بعد تمام ركعتين فكذلك، وإن كان قبل ذلك فلترجع ولتسجد للسهو ولتسلم من المغرب، ولا تُعِد الركعة الثالثة، ثم تصلي العشاء بعد ذلك والأحوط إذا تجاوزت الفاتحة هو إعادة المغرب والعشاء لما سبق ذكره عن المالكية. وللفائدة فإننا نورد بعض أقوال أهل العلم في مثل مسألتنا، جاء في شرح الدردير: والرفض للصلاة وهو نية إبطال العمل (مبطل) لها اتفاقًا إن وقع في الأثناء وعلى أحد مرجحين إن وقع بعد الفراغ منها وأرجحهما عدم البطلان والصوم كالصلاة ثم شبه في البطلان قوله: (كسلام) أوقعه عقب اثنين من رباعية مثلاً لظنه الإتمام وإتمام في الواقع (أو ظنه) أي ظن السلام لظنه الإتمام ولم يكن منها شيء في الواقع (فأتم) يعني أحرم في الصورتين (بنفل) أو فرض، فالأولى لو قال فشرع بصلاة بطلت التي خرج منها يقينًا أو ظنًا (إن طالت) القراءة فيما شرع فيه بأن شرع في السورة بعد الفاتحة ولو لم يركع (أو ركع) بالانحناء ولو لم يطل، وإذا بطلت في الصورتين فيتم النفل الذي شرع فيه إن اتسع وقت الفرض الذي بطل أو عقد ركعة بسجدتيها وإن ضاق الوقت ويقطع الفرض المشروع فيه، وندب الإشفاع إن عقد منه ركعة، وإنما وجب إتمام النفل دون الفرض إن عقد ركعة؛ لأن النفل إذا لم نقل بإتمامه يفوت، إذ لا يقضى، وقيل: إن تمام الفاتحة طول ولم يشرع في السورة فيحمل قوله: أو ركع على من لم تجب عليه الفاتحة، فيكون قوله: إن طالت محمولاً على من يحفظها. وقوله: أو ركع إذا لم يحفظها واستبعد (وإلا) بأن لم تطل القراءة ولم يركع (فلا) تبطل ولا يعتد بما فعله، بل يرجع للحالة التي فارق فيها الفرض فيجلس. وفي تحفة المحتاج: (ولو جمع) تقديمًا (ثم علم) بعد فراغهما أو في أثناء الثانية وقد طال الفصل بين سلام الأولى والتذكر (ترك ركن من الأولى بطلتا) الأولى لترك الركن وتعذر التدارك بطول الفصل، والثانية بالمعنى السابق لبطلان شرطها من صحة الأولى، وذكر هذه أولا لبيان الترتيب. ثم هنا لبيان الموالاة وتوطئة لقوله: (ويعيدهما جامعاً) إن شاء تقديمًا عند سعة الوقت أو تأخيرًا؛ لأنه لم يصل. أما إذا لم يطل فيلغو ما أتى به من الثانية ويبني على الأولى. اهـ وأما عن اسم المجيب فراجع الفتوى رقم: 1122. والله أعلم.