عنوان الفتوى : ماذا على من حج ولم يحرم؟
من كرم ربنا سبحانه وتعالى أنني حججت السنة الماضية، ولكنني عند دخول مكة كانت النية للحج، ولم أحرم نظرًا لوجود ظروف، علمًا أنني مكثت في مكة ما يقرب من خمسة أيام، وسألت بعض الشيوخ، فمنهم من أفاد بصيام ثلاثة أيام فقط، ومنهم من قال: عليك فدية، فما الصحيح؟ وهل حجتي معلقة؛ لأنني لم أقم بأي شيء منها حتى الآن؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك أنك تجاوزت الميقات ولم تحرم منه، وبعد المكوث في مكة أحرمت منها، وأتممت حجك، فإن عليك دم يذبح بمكة، ويوزع لحمه على فقراء الحرم؛ وذلك لترك واجب من واجبات الحج، وهو الإحرام من الميقات، سواء كان ذلك لعذر أم لغير عذر، لكن فيه الإثم مع غير العذر، وحجك صحيح في هذه الحالة ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن عجز عن هذا الدم، فإن عليه أن يصوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده، قياسًا على دم التمتع، وأما صيام ثلاثة أيام فقط فلا نعلم قائلًا به، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 70828، 140533، 102951، 114246.
وإن كان القصد بقولك: لم أحرم ـ أنك لم تنو الإحرام بالحج ـ وهو ما نستبعده ـ لأنك قلت: كانت النية للحج، فإن الحج لا يصح، ولا ينعقد بدون نية الإحرام له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.. الحديث متفق عليه.
فالإحرام ركن من أركان الحج، لا يصح بدونه، وفي حالة تركه، فإن حجك لم ينعقد أصلًا، وفريضة الحج باقية في ذمتك إذا لم تكن قد أديتها قبل ذلك، جاء في شرح ميارة المالكي على المرشد المعين: والإحرام يفوت الحج بتركه، ولا يترتب بسبب تركه شيء.. إما بتركه بالكلية، أو بترك ما ينعقد به من النية.. غير أن المكلف إن لم يكن حج الفرض، فهو باق في ذمته.
وإن كان قصدك أنك نويت الإحرام، لكنك لم تلبس ملابس الإحرام من الميقات لسبب مّا، ثم لبستها بعد دخول مكة وأتممت الحج، فإن حجك صحيح ـ إن شاء الله تعالى ـ وعليك الفدية، وهي إما صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين, لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، وانظر الفتوى رقم: 229123، وما أحيل عليه فيها عمن لبس المخيط بعد الإحرام ليتجاوز منع السلطات له.
والله أعلم.