عنوان الفتوى : لا تعارض بين حد الردة وقوله تعالى: لا إكراه في الدين وقوله: عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم
هل كل مرتد يطبق عليه حد القتل، علما أن الله يقول: (لا إكراه في الدين ...) ويقول: (يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم...)؟ وأيضا أريد أن أعلم ما هي عقوبات الأشخاص في هذه الحالات الثلاث: 1- شخص كان مسلماً، ثم ارتد عن دينه، ووقف ضد المسلمين، وظاهر ضدهم، ويعاديهم، ويحرض عليهم. هل يقتل؟ 2- شخص ولد على الإسلام، ولكن لما كبر، وبلغ رشده (ولنقل عمره 18سنة) قال إنه لا يرغب أن يتخذ الإسلام دينا، ولا يرضى به؛ لأنه لم يختره، بل أرغم عليه وهو صغير. فهل يقتل؟ 3-شخص كان مسلماً، وترك الإسلام (سواءً لدين آخر، أو للإلحاد) ولكنه لا يعلن كفره، ولا يرغب في إيذاء المسلمين، ولا في معاداتهم. فهل يقتل لو كشف أمره؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيمكنك أن تجد جواب سؤالك في الفتوى رقم: 170755.
وأما قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} فلا يتعارض مع إقامة حد الردة على مستحقه عند القدرة عليه، بل إن ذلك من جملة الهداية المشروطة في الآية.
فإن معناها كما قال السعدي في تفسيره: أي اجتهدوا في إصلاح أنفسكم وكمالها، وإلزامها سلوك الصراط المستقيم، فإنكم إذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم، ولم يهتد إلى الدين القويم، وإنما يضر نفسه، ولا يدل هذا على أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لا يضر العبدَ تركُهما وإهمالُهما، فإنه لا يتم هداه، إلا بالإتيان بما يجب عليه من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، نعم، إذا كان عاجزا عن إنكار المنكر بيده ولسانه، وأنكره بقلبه، فإنه لا يضره ضلال غيره. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الاهتداء إنما يتم بأداء الواجب، فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات، لم يضره ضلال الضلال. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 231019.
والله أعلم.