عنوان الفتوى : للمرأة أن تطلب الفراق إن كانت تتضرر من البقاء مع زوجها
أنا امرأة متزوجة منذ سبعة أشهر وتركت زوجي وهو في بلد آخر ويسكن في بيت أهله وسافرت إلى أهلي لما لاقيته من معاملة أهل زوجي وحتى أنهم لم يعطوني بقية المهر وعندما كنت عندهم وجدت الإهمال من زوجي ونادراً ما يحادثني أو ينام معي ولي ثلاثة أشهر في بيت أهلي لم ينفق عليّ ولم يسأل عني وأنا نادمة لزواجي منه و لا أريد الرجوع إلى هناك فهل يجوز الطلاق عن طريق القاضي وبدون علمه؟ وهل هذا سوف يحفظ لي المؤخر؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالحياة الزوجية تقوم أساساً على المودة والرحمة والتغاضي عن الهفوات التي يتوقع صدروها من الطرفين دون إخلال بمقاصد الحياة الزوجية أو قواعد الشريعة الإسلامية، وإن بين الزوجين حقوقاً مترتبة على الميثاق الغليظ الذي هو عقد النكاح، يجب على كل من الزوجين الوفاء بها، والعمل على توفيتها لأن كل واحدٍ منهما مسؤول عنها يوم القيامة، ولا يُعد تقصير أحد الطرفين مبرراً للطرف الآخر في التقصير كذلك، بل إذا حصل تقصير من أحدهما فالواجب على الآخر أن يؤدي ما عليه، لأنه مسؤول عنه أمام الله يوم القيامة، وقد بينا هذه الحقوق والواجبات في الفتاوى بالأرقام التالية: 29173، 3738، 2589. فإذا حصل شقاق بين الزوجين بسبب الإخلال بالحقوق الزوجية، فالواجب عليهما قبل الفراق أن يتبعا الخطوات الشرعية التي نص عليها القرآن، ففي حق الرجل قال الله تعالى: فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]. ومن جانب المرأة قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128]. فإن تأزمت الأمور ولم يجد لها الزوجان حلاً في إطار السرية الأسرية، فقد قال تعالى: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:35]. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 5291، والفتوى رقم: 3748. ولو أن الشرع الحنيف ترك لكل من الزوجين حرية التصرف في هذه الأحوال لغلبت البشر نفوسهم الشحيحة وقلوبهم المريضة، قال عز وجل: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [النساء:128]. ولكن من رحمة الله تعالى أن جعل لكل مشكلة يتعرض لها المسلم حلولاً كثيرة تستوعب شتات النفوس وإملاءات الوساوس الشيطانية، وقد كان من الواجب على الزوج المذكور أن يوفي الأخت السائلة بقية مهرها إذا حلّ أجله، والواجب عليها كذلك أن تنظره إلى ميسرة إن كان مُعسراً، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]. وقال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]. كما يجب على الزوج أن ينفق على زوجته ما لم تكن ناشزاً، هذا وإن ذهابك إلى بيت والدك دون إذن الزوج يُعد نشوزاً تسقط به نفقتك، وراجعي الفتوى رقم: 6895. أما عن طلب الفراق من الزوج، فإنه حق لك إن كنت تتضررين من البقاء معه، ولا إثم عليك فيه، أما إذا كان ذلك بدون سبب مقبول، فإنه ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة رواه أحمد وغيره، وصححه الأرناؤوط. وفي حالة ما إذا كنت تتضررين من البقاء في عصمة زوجك، وطلبت الطلاق فلم يستجب، فلك أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي ليحكم بينكما بما يراه مناسباً. والله أعلم.