عنوان الفتوى : طاعة الزوج في المعروف من أوجب الواجبات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا متزوج بفضل الله من إنسانة متدينة وعندي طفلة عمرها سنة، وزوجتي كانت في إجازة خلال هذه السنة لرعاية الطفلة، وهي تريد أن تعود للعمل الآن، ولا يوجد من يعيش معنا لرعاية الطفلة، مع العلم بأن دخلي جيد جدا بفضل الله ولا أحتاج لمال من عمل زوجتي، وعندما طلبت منها أن تجدد الإجازة لمدة عام آخر فقط رفضت بشدة، وقالت إنها ستطلب من أمها أن تأتي لتعيش معنا وترعى الطفلة أو أن تدخلها حضانة في هذه السن، وأنا لا أريد هذا ولا ذاك، وحاولت اقناعها بشتى الوسائل، ولكن لا فائدة، لدرجة أنها خيرتني بأن تعيش معي في حياة كلها تعاسة ونكد، أو أن ننفصل إذا أصررت على رأيي لأني من وجهة نظرها أناني. فماذا أفعل؟ وكيف أقنعها؟ أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الزوجة طاعة زوجها، ما لم يكن في معصية الله تعالى، وطاعة الزوج مقدمة على طاعة كل أحد حتى الوالدين، لأن حقه عليها بعد زواجها به أعظم من حق والديها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى
وهذا الحق للزوج، لا ينفي حقوق الزوجة على زوجها من نفقة وكسوة وسكنى وغير ذلك، ولمعرفة المزيد من الفائدة عن هذه الحقوق تُراجع الفتاوى التالية أرقامها:
4180، 19419، 13748.
وبما أن هذه الحقوق قد جاءت بصورة تبادلية، فالواجب على كل واحد من الطرفين أن يؤدي ما عليه ليطلب ما له، لأن كل حق في الشريعة يقابله واجب من الواجبات، فإذا قصر أحد الطرفين فيما عليه أثر ذلك فيما له، وأدى إلى اضطراب الحياة ووقوع الشقاق والفرقة، فضلاً عما فيه من إغضاب لرب العالمين -سبحانه وتعالى- وإن من أوجب واجبات الزوجة طاعة زوجها في المعروف، ولهذا فإن أمْر الزوج السائل لزوجته بترك العمل يوجب عليها طاعته فيه ولو كان عملاً مباحاً، فإن لم تفعل فهي عاصية لربها وناشز في حق زوجها، وقد سبق بيان حكم الناشز في الفتوى رقم:
17322، والفتوى رقم: 9904.
كما سبق بيان حكم الزوجة إذا تعارض حق طاعة الزوج مع العمل في الفتوى رقم:
23844، والفتوى رقم: 15500.
ومع هذا.. فإننا نوصي كلا الزوجين أن يتفهما الأمر، ويحاولا التوصل إلى حل وسط تسير معه الحياة على منهاج قويم، ولا يكون ذلك إلا بانتفاء الشح بينهما، إذ كل واحد من الزوجين شحيح عند الخصام أن يتنازل لصاحبه، ولذلك أمرهما الله بالإحسان، عند ذكر آية الصلح فقال: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً [النساء:128].
ولتعلما أن الحياة الزوجية حبل متين، وميثاق غليظ، لا ينبغي للزوجين أن يفرطا فيه عند أول نسمة من ريح الخلاف والشقاق، والله تعالى نسأل أن يوفق بينكما، وأن يجمع بينكما في خير.
والله أعلم.