عنوان الفتوى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان والطلاق البدعي يقع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: حدثت بيني وبين زوجتي بعض المشاكل على فترات متباعدة وصدر مني عدة أيمانات طلاق (حلف بالطلاق-طلاق معلق-وعد بالطلاق- شك في الطلاق) وذلك نتيجة جهلي الفقهي بأحكام الطلاق ولم أتلفظ بيمين صريح وأنا أحب زوجتي ولا أستطيع مفارقة ابنتي الوحيدة التي أحبها حبا عظيما والتي لا تنام إلا بعد سماع القرآن الكريم (9 سنوات) وقد استفتيت بعض المشايخ في هذا فأفتاني البعض بوقوع بعض الحالات وأفتاني الآخرون بعدم الوقوع وقد قادني هذا الاختلاف إلى القراءة المتعمقة في هذا الموضوع في أمهات كتب الفقه الإسلامي وتوصلت إلى أن بعض العلماء أمثال ابن حزم وابن القيم وابن تيمية والشوكاني وطاوس وابن عمر وابن عباس وبعض علماء الأزهر الشريف أفتوا بعدم وقوع الطلاق البدعي أو المعلق وكذلك تفسير سورة الطلاق في القرآن الكريم وكيفية الطلاق السني الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور لابن عمر ولكن للأسف الشديد وبرغم ثقافتي العالية وتعليمي العالي وحجي الي بيت الله عدة مرات فقد وقعت في حيرة وبلبلة ووساوس الشيطان وأني أعيش مع زوجتي في الحرام بالرغم من فتاوى عدم وقوع الطلاق وأن زواجي حلال، وقد أصابني الهم والغم واليأس والمرض (السكر-ضغط الدم المرتفع) ودائما أبكي ليلاً وحالتي النفسية في الحضيض وأريد من فضيلتكم الرد الشافي الكافي لحالتي مع الرجاء عدم الإجابة بالرجوع إلى المحاكم الشرعية لأني وجدت أن بعض القضاة يفتون على المذهب الذي يأخذون به ويتعصبون له دون النظر إلى المذاهب الأخرى أو الآراء الفقهية المعتدلة والتي تتماشى مع الوضع الإسلامي الحاضر. جزاكم الله خيرًا وفي انتظار إجابة وافية حتى أعود إلى حياتي سليماً وأرحل إلى آخرتي نظيفًا من ذنوبي, فأنا أخشى عذاب الله من أن يكون زواجي حرامًا, وأحاول أن أتمسك بما قاله علماء الإسلام بشأن الطلاق البدعي والسني؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: أولا: فقد أفدت في سؤالك أنك رجعت إلى بعض أهل العلم فأفتوك في مسألتك وطالما أن الأمر كذلك فلا ينبغي لك أن تبلبل أفكارك بكثرة التنقل بين الشيوخ حتى تقع من أحدهم فتوى توافق هوى نفسك وإنما الذي ينبغي عليك أن تستفتي من تراه أتقى وأورع وأبرأ لذمتك فيما استفتيت فيه. ثانياً: اعلم أن جهلك بأحكام الطلاق لا يعفيك من ترتب أحكام الطلاق عليك ثم كيف تجهل أمر الطلاق ثم تحلف به وتعلقه أحياناً وتعد به أحياناً أخرى كما جاء في سؤالك. ثالثاً : لتعلم أن عدد مرات الطلاق الذي تستطيع معه إرجاع زوجتك إلى عصمتك بينه الله في كتابه فقال: ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أوتسريح بإحسان) فإذا طلقت الثالثة لم تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك ويدخل بها. رابعاً: أن كل ما أقررت به من الطلاق حاصل منك فإنه يلزمك أي يلزمك أن تحسبه فالطلاق المعلق لا يقع إلا إذا حصل منك ما علقت به الطلاق من وجود شيء أو عدمه والحلف بالطلاق فيه تفصيل إن قصدت به الحض والمنع ولم تقصد إيقاع الطلاق ففيه كفارة يمين وإن كان قصدك من الحلف بالطلاق هو إيقاع الطلاق فإنه يلزمك. وأما ما شككت فيه من أمر الطلاق: فإن كان الشك في وقوعه أو عدم وقوعه فإنه لا يقع، وأما إذا كان الشك في عدد مرات الطلاق فعليك أن تتحرى العدد حتى يغلب على ظنك أنه العدد الذي صدر منك. وأما وقوع الطلاق البدعي من عدم وقوعه. وقد ذكرت في سؤالك من قال من العلماء بعدم وقوعه فإني أقول لك إن جمهور أهل العلم على وقوع الطلاق البدعي كالطلاق في الحيض والطلاق في طهر جومعت فيه المرأة وجمع الطلقات الثلاث في طلقة واحدة ونحو ذلك ولعل هذا أبرأ لذمة الشخص وخروجاً من الخلاف. وبخاصة أن الذي يقول به _ أي الطلاق البدعي – جماهير أهل العلم من الأئمة. ثم أمر أخير وهو أن لا تهتم بأمر مفارقة زوجتك إذا كان حكم الشرع في مسألتك هو المفارقة فقد يرزقك الله من تكون خيراً منها وتسعد معها ولا تكون بينكما تلك المشاكل التي كانت مع الأولى والتي ألجأتك إلى أن يصدر منك كل هذه الأنواع من أنواع الطلاق. والله أعلم.