عنوان الفتوى : حكم صرف المزكي زكاة ماله إلى من يغلب على ظنه أنه من مستحقيها
لدي أقارب يعيشون في سوريا في مدينة حلب، وبسبب الدمار الذي حصل اضطروا إلى السفر إلى مدينة أخرى واستأجروا سكنا فيها لكي يعيشوا، وهم خمس عائلات مع أولادهم... وأظن أنهم بحاجة، ولست متأكدا بسبب عدم إمكانية التحري عنهم من أي شخص بعد سفرهم إلى مدينة أخرى، ولأنني مقيم هنا في السعودية، وأحدهم عنده زوجة، وولدان صغيران، وأمه، وأخته، وأخته الأرملة مع أبنائها الثلاثة الصغار وهو يقوم عليهم جميعا، وعندما تم سؤال أخته الأرملة عن وضعه قالت إنه سيئ جدا ولا يستطيع تأمين عمل بشكل دائم. وإخوتها المتزوجون لا يجدون عملا، فهل يجوز إعطاؤهم من مال الزكاة والحال ما ذكر؟ وعندما سألت أخاها عن وضعه حمد الله على كل حال ولم يظهر الحاجة ابدا، وقد صليت الاستخارة أكثر من مرة.... وهل إن كانوا من أهل الزكاة أعطي مثلا هذه الأخت الأرملة وأعطي أخاها الذي تعيش عنده ويصرف عليها؟ أم يكفي إعطاء الأخ فقط؟ وكيف لي أن أقدر حاجتهم لمدة عام كامل وأنا لا أعلم دخلهم بشكل صحيح...؟. وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكفي غلبة الظن بكون الشخص مستحقا للزكاة، ولا يشترط اليقين في ذلك، بل قد ذهب كثير من أهل العلم إلى الإجزاء إذا دفع لمن يغلب على ظنه فقره حتى لو بان له بعد ذلك عدم استحقاقه، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قوله: إلا لغني ظنه فقيراً، فإنه يجزئه ـ هذا مستثنى من قوله: أو بالعكس ـ مثل: رجل جاء يسأل، وعليه علامة الفقر فأعطيته من الزكاة فجاءني شخص فقال: ماذا أعطيته؟ قلت: زكاة، قال: هذا أغنى منك، فتجزئ، لأنه ليس لنا إلا الظاهر، ومثل ذلك الذين يسألون في المدارس والمساجد ثم نعطيهم بناء على الظاهر، والدليل على ذلك: قصة الرجل الذي تصدق ليلة من الليالي فخرج بصدقته فدفعها إلى شخص فأصبح الناس يتحدثون: تصدق اليلة على غني، فقال: الحمد لله على غني ـ يرى أنها مصيبة ـ ثم خرج مرة أخرى فتصدق على بغي ـ زانية ـ فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على بغي، فقال: الحمد لله على غني وبغي، ثم خرج مرة ثالثة فتصدق فوقعت الصدقة في يد سارق، فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على سارق، فقال: الحمد لله على غني وبغي وسارق، فقيل له: أما صدقتك: فقد قبلت، أما الغني: فلعله يتذكر ويتصدق، وأما البغي: فلعلها تستعف، وأما السارق: فلعله يكتفي بما أعطيته عن السرقة. انتهى.
فإذا علمت هذا، فلا حرج عليك في الدفع لهؤلاء الناس مادام الغالب على ظنك كونهم مستحقين، والذي يدفع إليهم هو ما يكفيهم لسنة عند كثير من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 178159.
فعليك أن تتحرى قدر كفايتهم أو ما تكمل به كفايتهم في تلك المدة ثم تدفعه إليهم، وأما على قول من يرى من الفقهاء أنك تدفع إليهم كفاية العمر الغالب، فالأمر يسير، ولا حرج عليك في العمل بهذا القول، فإن دفعت إليهم أكثر من كفاية السنة أجزأك ـ إن شاء الله ـ ثم إنك تدفع للمرأة ما تحتاج إليه وتدفع للرجل ما يحتاجه في النفقة على نفسه ومن تلزمه نفقته، ولا تدفع إليه ما تستحقه أخته.
والله أعلم.