عنوان الفتوى : الترهيب من الامتناع عن إيصال الحقوق لأصحابها
نحوّل رصيدًا لهواتفنا المحمولة، ويتطلب ذلك أن يقال الرقم لمن سيحوّل لنا الرصيد، ثم بعد ذلك نعطيه النقود. يحدث أحيانًا أن يخطئ أحدنا في تلقين رقمه لمرسل الرصيد، فيصل الرصيد لهاتف آخر، هنا نتصل بالذي أُرسل له الرصيد بالخطأ، وغالبًا يجيب قائلًا: نعم، قد أرسلت لهاتفي مبلغًا قدره كذا رصيدًا بالخطأ، وأنا لن أعيد إرساله لك؛ فأرح نفسك، ولا تعاود الاتصال بي ثانية. فما حكم من يفعل ذلك؟ أليس ذلك الرصيد وصل بالخطأ، فالواجب رده لصاحبه؟ وهل الحكم يدخل فيما أخذ بسيف الحياء؟ وهذا الشخص -آكل مال الناس بغير رضا منهم وبغير حق- كيف نتعامل معه من منظور الشرع؟ وما الكلام المناسب ليقال لأمثاله؟ فهو ليس فقط يكتفي بعدم رده الرصيد لك، بل يبدع في استفزازك بكلام بارد، وبعضهم يشتم، وكأنك تتصل لتستأذن برد شيء ليس من حقك -سبحان الله-!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام في فتاوى سابقة على حكم الرصيد الواصل للشخص خطأ، وأن عليه إرجاعه لصاحبه إن أمكن ذلك، وانظر الفتويين: 173291، 73507.
ونضيف هنا: أن أكل أموال الناس بالباطل من المحرمات القبيحة، والأمور الشنيعة التي لا تجوز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29}. فمن يصل إليه رصيد، ويعلم صاحبه، ثم يرفض إرجاعه إليه، فقد تجاسر على الله بالمعصية، والانتفاع مما لم يبح له، وتعدى على حقوق العباد، وليعلم أنه موقوف غدًا بين يدي الله تعالى، وسيسأل عن أعماله كلها صغيرها وكبيرها، وسيقتص منه في حقوق العباد؛ فليحذر من ذلك، وليتق الله ربه.
وينبغي أن ينصح هذا الشخص بمثل هذا الكلام، وليُذَكر بالله تعالى وبيوم الحساب؛ لعله يتذكر أو يخشى، فإن لم ينفع معه ذلك، فإن كانت ثمة طرق معينة لاسترجاع الرصيد من خلال شركة الاتصال أو ما شابه، فلا مانع من اتباعها، وإن لم يمكن ذلك فينبغي للمتضرر أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى، وليعلم أن حقه لن يضيع، بل سيجده يوم القيامة موفى غير منقوص.
أما ما يقوم به ذلك الشخص من شتم وسب: فهو حرام آخر ينضاف إلى حرمة "الامتناع من رد الرصيد"، والأفضل عدم الرد عليه بالمثل، وراجع في هذا الفتوى رقم: 199315.
والله أعلم.