عنوان الفتوى : الدم النازل منك ليس دم نفاس لهذه الاعتبارات
في رمضان الفائت كنت حاملًا بابنتي، وكنت في بداية حملي، وكان عندي نزول دم بشكل كبير، فذهبت إلى الأطباء، فطلبوا مني عدم الصوم؛ لأنه كان يزداد مع الصوم. أفطرت 11 يومًا في رمضان، وصمت باقي الأيام، وعند ولادتي اكتشف الأطباء أنه يوجد عندي مشيمتان؛ أي: أنه كان عندي توأم، ونزل جنين، وبقي جنين. فهل عليّ قضاء الشهر؟ علمًا أنني لم أكن أعلم، ولا الأطباء استطاعوا اكتشاف ذلك؛ لأنني وصلت إليهم بعد نزول كمية دم كبيرة، وفقط حين الولادة استطاعوا معرفة ذلك.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجب عليكِ قضاء ما أفطرتِه من رمضان بسبب الحمل أو بأي سبب آخر؛ إذ أن من أفطر في رمضان وجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها.
وأما الأيام التي صمتِها مع نزول الدم: فالذي يظهر لنا: أن ذلك الدم ليس دم نفاس حدث بسبب سقط جنين؛ وذلك لأمور:
أولها: أن اكتشاف مشيمتين عند الولادة لا يلزم منه وجود جنين ساقط؛ فقد ذكر لنا بعض الأطباء الاستشاريين أنه ربما كان للجنين الواحد مشيمتان.
ثانيًا: أن المشيمة لو كانت لجنين آخر سقط في رمضان، فإن العادة جرت بأن تسقط المشيمة أيضًا بعد سقط الجنين، ولا تبقى طوال هذه المدة من أول الحمل إلى إنجاب الجنين الثاني.
ثالثًا: لو فُرِضَ أنه حصل سقط فعلًا، فإن السقط إذا لم يتبين فيه خلق إنسان، فإن الدم النازل بسببه لا يعتبر دم نفاس. جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: وإذا سقط الحمل قبل أن يتبين فيه خلق إنسان، فإن ما يحصل بعد سقوطه من نزول الدم لا يعتبر نفاسًا تترك من أجله الصلاة، وإنما يعتبر دم فساد، وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان واحد وثمانون يومًا. اهـ.
ويظهر من السؤال أنك لم تعلمي بالسقط أصلًا -على فرض حدوثه-، ولا يتصور عدم العلم به لو تبين فيه خلق إنسان، ولأجل ما ذكرنا فإنه لا يظهر لنا أن ذلك الدم دم نفاس، ولا يكون دم حيض أيضًا؛ لأن الدم النازل من الحامل لا يعتبر دم حيض على القول الراجح المفتى به في موقعنا، كما بيناه في الفتوى رقم: 125144.
فصيامك في تلك الأيام صحيح، وإذا أردت أن تقضيها احتياطًا مراعاة لقول من يرى أن الحامل تحيض فلك ذلك، لا سيما إذا كان نزول ذلك الدم قد وافق أيام عادتك.
والله تعالى أعلم.