عنوان الفتوى : الحقوق لا تثبت بمجرد الدعاوى
كنت أعيش في منزل والدي، وهو ميسور الحال، وسافرت إلى السعودية مدة 16 شهرا، وأرسلت له في هذه الفترة 14000 جنيه، ولما عدت أعطيته 4500 أخرى، وسافرت ثانيا 19 شهرا، وعدت فاشتريت سيارة أجرة بمبلغ 22500، دفع والدي منهم 2500، ودفعت الباقي، وبعد 10 أشهر أراد أحد الجيران أن يبيع ثلاثة قراريط أرض فقال والدي: بع السيارة ونشتريهم، وأنا أكتب لك قيراطا، وتتنازل عن الباقي لي ولإخوتك، وبالفعل بعت السيارة وخسرت فيها 4500جنيه، وأعطيته 18000 جنيه، وتنازلت عن قيراط وربع من أجله، ولم يكتب لي، وعندما أكلمه يقول: حاضر، لك عندي قيراط. وهذا بشهادة ستة من إخوتي، فنحن عشرة، وبشهادة بعض الناس، ثم طالبته فقال: خذ من ناحية الزرع. قلت له: أنا أريد من ناحية الشارع. وكان الخلاف على ذلك، وبعد 5 أشهر انفصلت عن البيت أنا وأولادي لظروف عائلية, وسافرت إلى الإمارات، ولما عدت طالبته، فلم يكتب لي، وأنا كل مرة أسكت حتى لا يغضب، واستمر الحال 20 سنة، وفي النهاية أرسلت ثلاثة رجال من أهل الخير فقالوا له: أعط ابنك حقه. فقال: ما عندي شيء لأحد. وبعد فترة مات والدي، والآن له أسبوعان، وجميع الورثة قالوا: نحن مع ما يحكم به الشرع. فهل من حقي القيراط أم لا؟ علما بأن إخوتي كلهم من ميسوري الحال، وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لديك ما يثبت استحقاقك للقيراط المذكور من بينة أو أقر لك الورثة باستحقاقك له، فيلزمهم دفعه إليك، وإلا فجهة الفصل في مسائل التركات، وقضايا الخصومات، ونحوها، هي المحاكم الشرعية إن وجدت، أو ما يقوم مقامها، أو على الأقل مشافهة أهل العلم بها حتى يسمع من طرفي الخصومة، إذا لم يتم التراضي بينكم على أمر جامع.
وننبه هنا على أنه لا حرج على الورثة في تنازل بعضهم لبعض عن حقه أو بعضه إن كان بالغا رشيدا.
كما أنه يجب على الورثة إبراء ذمة مورثهم من حقوق الناس قبل قسمتها، إذا ثبتت ببينة أو إقرار منهم، إذا علموا صدق الدعوى وصحتها.
والذي ننصحكم به هو: التراضي فيما بينكم, والشارع لا يأبى ذلك، ولو كان عن تنازل صاحب الحق عن حقه، كما بينا في الفتوى رقم: 70864.
والله أعلم.