عنوان الفتوى : هل في الجنة رمضان؟ وما حكم قول: "رمضانكم أجمل في الجنة"؟
هل هناك رمضان في الجنة؟ وهل يجوز لنا أن نقول للموتى: رمضانكم أجمل في الجنة؟ وشكرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجنة ليست دار تكليف كما بينا في الفتاوى: 169265، 198501، 184189، ومن ثم فلا يُكلف أهل الجنة بصوم رمضان ولا غيره.
وأما وجود نفس الزمان- كشهر رمضان، ونحوه- فنعم؛ فإن الجمعة، والعيد بحالهما في الجنة، ومعلوم أن عيد الفطر يجيء عقب شهر رمضان؛ قال القرطبي في التذكرة: عن بكر بن عبد الله المزني قال: إن أهل الجنة ليزورون ربهم في مقدار كل عيد، كأنه يقول في كل سبعة أيام مرة، فيأتون رب العزة في حلل خضر، ووجوه مشرقة، وأساور من ذهب مكللة بالدر والزمرد، عليهم أكاليل الذهب، ويركبون بخبائهم، ويستأذنون على ربهم، فيأمر لهم ربنا بالكرامة"، وذكر هو وابن المبارك جميعاً قالا: حدثنا المسعودي، عن المنهال بن عمرو بن أبي عبيدة بن عبد الله بن عقبة عن ابن مسعود قال: تسارعوا إلى الجمعة، فإن الله يبرز لأهل الجنة كل يوم جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون معه في القرب، قال ابن المبارك: على قدر تسارعهم إلى الجمعة في الدنيا، وقال يحيى بن سلام: كمسارعتهم إلى الجمعة في الدنيا، وزاد فيحدث لهم شيئاً من الكرامة لم يكونوا رأوه قبل ذلك، قال يحيى: وسمعت غير المسعودي يزيد فيه وهو قوله تعالى {ولدينا مزيد}، وقال الحسن في قوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، قال: الزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل، وليس شيء أحب إلى أهل الجنة من يوم الجمعة يوم المزيد؛ لأنهم يرون فيه الجبار جل جلاله، وتقدست أسماؤه. انتهى.
وقال ابن حجر في فتح الباري: ويوم الجمعة يوم المزيد في الجنة الذي يزور أهل الجنة فيه ربهم، ويتجلى لهم في قدر صلاة الجمعة، وكذلك روي في يوم العيدين أن أهل الجنة يزورون ربهم فيهما، وأنه يتجلى فيهم لأهل الجنة عمومًا يشارك الرجال فيها النساء، فهذه الأيام أعياد للمؤمنين في الدنيا والآخرة عمومًا، وأما خواص المؤمنين: فكل يوم لهم عيد، كما قال بعض العارفين؛ ولهذا روي أن خواص أهل الجنة يزورون ربهم، وينظرون إليه كل يوم مرتين بكرة وعشيًّا، وقد خرجه الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعا وموقوفا. انتهى.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة، واقرؤوا إن شئتم: وظل ممدود. ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب. والعام اثنا عشر شهرًا -كما هو معلوم- وراجعي الفتوى رقم: 27567.
وأما عبارة: "رمضانكم أجمل في الجنة" فنفيدك أنه لا أحد من البشر في الجنة الآن، كما بينا في الفتوى رقم: 254533، ولكن لعل مقصود قائلها: أنه يرجو لهذا الميت أن يكون منعمًا في برزخه أحسن من نعيمه في الدنيا في نفس الفترة -شهر رمضان-، وهذا لا بأس به -إن شاء الله إذا كان على سبيل الدعاء -.
وأما إن كان على سبيل الخبر، فهو من الرجم بالغيب، فنحن لا نشهد لأحد بنعيم، أو عذاب إلا بالنص، كما بينا في الفتوى رقم: 125194، وتوابعها، ومع ذلك فاستعمال الأدعية الواردة أولى، وانظري الفتوى رقم: 29998.
والله أعلم.