عنوان الفتوى : سفر المرأة لأهلها بسبب كراهية خلق الزوج هل يسقط نفقتها والحضانة؟
عندي بنت عمرها 3 سنوات، ومنفصلة عن زوجي منذ سنة؛ لأني أكره خلقه، وطبعه؛ مما جعلني لا أقوم بحقوقه عليّ إلا نادرًا جدًّا، بشكل غير إرادي، وذهبت لأطباء نفس، ولكن بلا جدوى، فهو لا يتغير، وتركته أكثر من مرة، وكنت أعود من أجل ابنتي، ولكني هذه المرة لا أستطيع، وهو لا يريد أن يطلقني حتى لا يقال: إن أمها مطلقة، وقال لي: إن السبيل الوحيد للفراق أن أخلعه أنا، وأنا أعيش الآن في قطر مع أهلي، وهو في مصر، وكنت قد رجعت له منذ 7 أشهر وثلاثة أيام، وحملت فيها، ولكني لم أستطع الاستمرار معه، وهو الآن لا ينفق على حملي، ولا على ابنته؛ لأننا خارج مصر، ويريد مني أن أعود إلى مصر، وأجلس بمفردي أنا والبنات حتى ينفق علينا، ويرفض أن ينهي إجراءات إقامة البنت في قطر من عدم ممانعة، وغيرها، مع العلم أن لديه إقامة، ويستطيع أن يأتي إلى قطر في أي وقت، ولأنه قد خطبني من أهلي في قطر، والبنت في مصر وتسوء نفسيتها كثيرًا، وتدخل في مراحل اكتئاب؛ لعدم وجود استقرار، فسؤالي هو: لو خلعته في قطر، فهل يوفر لي ذلك حق حضانة بناتي في قطر؟ وهل يسقط ما عليه من نفقتهن لخروجي بهن من مصر دون إذنه؛ لأني كنت مريضة، وقد أرسل لي الأثاث الذي اشتراه لي والدي إلى بيت أهلي، وكان لا يحدثني، فلم أطق العيش بمفردي، خاصة أنه في مصر أيضًا كان يتهاون في الإنفاق علينا، ويتركنا كثيرًا دون أموال، فأرسل لأهلي لينفقوا علينا، مع العلم أنه مقتدر -والحمد لله- وأهلي أيضًا مقتدرون!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس غريبًا أن يحدث خلاف بين الزوجين، أو أن تكون هنالك مشاكل في الحياة الزوجية، ولكن الغريب أن لا يحكم الزوجان فيها العقل، ويتريثا ويذهبا في طريق الإصلاح الذي ندب إليه الشرع، وأخبر أنه خير؛ قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وقال أيضا: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}، ووجود الأولاد يجعل أمر الصلح أدعى، ففي الفراق أثر سلبي كبير على الأولاد في الغالب، ويؤثر على نشأتهم نشأة سوية.
ومن هنا نرى أن يجلس العقلاء من أهلك، وأهل زوجك للتوفيق والإصلاح؛ ليلتئم شمل الأسرة، ويهنأ الأولاد بأبوين كريمين، متوافقين، ويعيشون معهما في جو الدفء والحنان، ويستشعرون فيه نعيم حسن توجيه وتربية الآباء، فتقر أعين الجميع، وينبغي استحضار الدعاء، فهو السلاح الفعال الذي قد يحقق به المسلم من الأمور ما لا يخطر له على بال؛ قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، فاستعيني بالله، واسعي في طريق الإصلاح.
واعلمي أنه يجب على الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها، ولا يجوز لها الامتناع عن ذلك إلا لعذر، كأن لا يكون محل الإقامة آمنًا، وتخشى فيه على نفسها وولدها؛ وراجعي الفتوى رقم: 72117، وما ذكرت من أنه كان لا يحدثك، لا يسوغ لك الامتناع عن الإقامة معه، والامتناع في هذه الحالة يجعلك ناشزًا.
وأما إذا كان يترك الإنفاق عليك، وعلى ابنتك مع قدرته عليه، فهو آثم بذلك ومفرط، والحامل تستحق النفقة، سواء كانت ناشزًا أم غير ناشز، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 159665.
وقولك: "هل لو خلعته في قطر ذلك يوفر لي حق حضانة بناتي في قطر" جوابه أنه إذا عزمت على الإقامة في قطر، فإن الحضانة تكون للأب، فجمهور الفقهاء على أنه إذا انتقل أحد الأبوين سفر نقلة، واستقرار، فإن الحضانة تكون للأب، واستثنى بعضهم الرضيع، وأنه يكون مع أمه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 134074.
وقولك: "وهل يسقط ما عليه من نفقتهن لخروجي بهن من مصر دون إذنه" جوابه أن نفقة الأولاد على الأب ما داموا مستحقين لها، لا يسقطها عنه سفر الأم بهم، ونحو ذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 230161.
والله أعلم.