عنوان الفتوى : شروط إباحة انتقال الزوج بزوجته إلى موطن آخر
سافرت مع زوجي إلى الصين بحثاً عن لقمة العيش ولدينا طفل صغير عمره سنتان ونحن في الصين منذ شهرين لكني أشعر بالضيق والوحشة وزوجي بات منزعجاً مني مع أني حاولت العمل لأني كنت في بلدي مدرسة لطلاب الصف الأول، ولكن باءت محاولاتي بالفشل وأصبحت سيئة المزاج وكثرت المشاجرات بيني وبين زوجي وحياتنا باتت لا تطاق، فهو أيضاً متضايق لقلة العمل وأنا لست مرتاحة في هذه البلد ونحن والحمد لله نحافظ على صلواتنا ونقرأ القرآن، ولكننا لا نشعر بالطمأنينة أو السكينة دائماً متوترين ونتشاجر لأتفه الأمور، فما هو الحل لهذه الحياة، هل أترك زوجي وأعود لبلدنا أم أبقى معه في هذا البلد الغريب فلا معين به إلا الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نص أهل العلم على وجوب طاعة الزوجة زوجها في السفر معه حيث يريد، قال مالك في المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت.... انتهى.
ونص على ذلك ابن عبد السلام الشافعي في كتابه قواعد الأحكام ضمن كلام له عن قيام كل من الزوج والزوجة بمصالح الآخر، ننقله لفائدته هنا، قال رحمه الله: وأما قيام الرجال والنساء بالمصالح بالإعفاف من الطرفين من الوقوع في الحرام وبقضاء الأوطار وبسكون بعضهم إلى بعض، وعودة بعضهم بعضا، وبرحمة بعضهم بعضا حتى يصير أحدهما للآخر كالحميم الشفيق، أو الأخ الشقيق، يفضي كل واحد منهما إلى الآخر بما لا يفضي به إلى ولد أو والد ولا صديق، وكذلك بما يجب للنساء على الرجال من المآكل والملابس والمساكن، وما يجب للرجال على النساء من لزوم البيوت والطواعية إذا دعاها من غير عذر شرعي، ونقلها إلى أي البلاد شاء، وإلى أي الأوطان أراد، وتوريث كل واحد منهما من صاحبه، وبما يندب إلى واحد منهما زائد عما يجب عليه. انتهى.
وقد اشترط أهل العلم لذلك شروطاً منها: أمن البلد الذي تنتقل إليه، وأمن الطريق، وعدم انقطاعها عن أهلها، قال في مواهب الجليل: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها. قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه. انتهى.
وعليه، فيجب على الأخت طاعة زوجها إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع, وننصحها بالصبر مع الزوج في طلبهما للرزق الحلال، والاستعانة بالله وعدم العجز والتوكل عليه والرضا بما قسم مع الإكثار من ذكر الله عز وجل، فبذكره سبحانه تطمئن القلوب، كما ننصح الزوج بالعودة من تلك البلاد إذا لم يكن هناك حاجة للبقاء فيها، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.