عنوان الفتوى : هل الخلوة توجب العدة؟ وحكم التزين والخروج في العدة، وحكم من تركت ذلك جهلا
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، وعقد عليَّ رجل، ولكني لم أقتنع به، وخاصة أني أحب غيره، وقبل العقد أخبرت أخي بأني لا أريد الزواج به، فرفض أخي خوفًا من كلام الناس، فخفت أن أقع في الحرام، وأن أظلمه، فطلبت منه الطلاق، فرفض، رغم أني أخبرته أني غير مقتنعة به، وبعد فترة وافق بشرط إرجاع المهر كاملًا مع الشبكة، وبالفعل قمت بذلك، وتم الطلاق، فهل عليَّ عدة؟ علمًا أنه لم يدخل بي، ولكن كان هناك خلوة، وقام بالاستمتاع بي ما عدا الإيلاج، فهل هناك عدة بعد الخلوة وقبل الدخول؟ وما صفة العدة؟ أي هل يجوز لي الخروج والتزين؟ وما الحكم إذا مر على طلاقي أسبوع، وكنت أخرج وأتزين، ولم أعلم بالعدة، وبعد أن علمت بالعدة التزمت؟ ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلوة بين الزوجين تأخذ حكم الدخول في استحقاق الزوجة المهر كاملًا، ووجوب العدة على الزوجة، عند جماهير العلماء، قال ابن قدامة: جملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة، وإن لم يطأ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين، وزيد، وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين، وعروة، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو قديم قولي الشافعي .اهـ.
وعليه: فإن الواجب عليك أن تعتدي لتلك الفرقة، فإن كانت بلفظ الطلاق، أو نيته، فهي طلاق، ولو كان بعوض - وهو المهر والشبكة - عند جمهور العلماء، كما في الفتوى رقم: 181563، فتجب عليك عدة المطلقة، وهي ثلاث حيض.
وأما حكم التزين: فإن كان الطلاق رجعيًا؛ فلا حرج عليك في التزين؛ لأن الإحداد لا يجب على الرجعية بالاتفاق، قال ابن قدامة: ولا إحداد على الرجعية، بغير خلاف نعلمه؛ لأنها في حكم الزوجات، لها أن تتزين لزوجها، وتستشرف له، ليرغب فيها، وتتفق عنده، كما تفعل في صلب النكاح .اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: وقد أجمعوا أيضًا على أنه لا إحداد على المطلقة رجعيًا، بل يطلب منها أن تتعرض لمطلقها، وتتزين له لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، على أن للشافعي رأيًا بأنه يستحب للمطلقة رجعيًا الإحداد إذا لم ترج الرجعة. انتهى.
وأما إن كان الطلاق بائنًا ففي وجوب الإحداد خلاف بين العلماء؛ قال ابن هبيرة: واختلفوا في المطلقة ثلاثًا هل عليها الإحداد؟ فقال أبو حنيفة عليها الإحداد، وقال مالك: لا إحداد عليها، وعن الشافعي قولان، وعن أحمد روايتان كالمذهبين. اهـ. والمفتى به عندنا أنه لا إحداد على المعتدة من طلاق بائن، كما في الفتوى رقم: 34833 .
وأما الخروج من البيت: فإن كان الطلاق رجعيًا فلا حرج على المعتدة في الخروج بإذن الزوج، قال في مغني المحتاج: أما من وجبت نفقتها من رجعية، أو مستبرأة، أو بائن حامل فلا تخرج إلا بإذن، أو ضرورة كالزوجة. انتهى.
وإن كان الطلاق بائنا فيجوز الخروج نهارا للحاجة، ولا يجوز الخروج بالليل إلا للضرورة، قال ابن قدامة: وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارًا، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها؛ لما روى جابر قال طلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجذ نخلها، فلقيها رجل، فنهاها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اخرجي، فجذي نخلك، لعلك أن تصدقي منه، أو تفعلي خيرًا. رواه النسائي، وأبو داود. وروى مجاهد، قال: استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا، فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن، حتى إذا أردتن النوم، فلتؤب كل واحدة إلى بيتها. وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلًا، إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار، فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش، وشراء ما يحتاج إليه .اهـ.
وما سلف من تركك العدة جهلًا فلا شيء عليك فيه، لكن الواجب عليك إكمال ما بقي من العدة، وانظري الفتوى رقم: 43901.
والله أعلم.