عنوان الفتوى : مجالات جهاد المرأة
كيف تجاهد المرأة في سبيل الله؟ وهل من طريق عمل تقوم به المرأة لتحصل به على أجر من يقوم بالجهاد من حيث قربه إلى الله؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في صحيح مسلم: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال، فقال ابن عباس: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه، كتب إليه نجدة أما بعد: فأخبرني: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ وعن الخمس لمن هو؟ فكتب إليه ابن عباس: كتبت تسألني: هل كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة، وأما بسهم: فلم يضرب لهن... الحديث.
وجاء في سير أعلام النبلاء للذهبي: قالت أم عمارة: رأيتني، وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني ولا ترس معي فرأى رجلا موليا ومعه ترس، فقال: ألق ترسك إلى من يقاتل، فألقاه، فأخذته، فجعلت أترس به عن رسول الله، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم ـ إن شاء الله ـ فيقبل رجل على فرس، فيضربني، وترست له، فلم يصنع شيئا، وولي، فأضرب عرقوب فرسه، فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا ابن أم عمارة أمك! أمك! قالت: فعاونني عليه، حتى أوردته شعوب... اهـ.
فهذه الأخبار تفيد أن الجهاد قد يصح من المرأة في حدود ما يلائم طبيعتها وأنوثتها، غير أنه لا يجب عليها في الحالات العادية، فقد سألت أم المؤمنين عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله؛ هل على النساء جهاد؟ قال: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة. رواه أحمد في المسند وأصله في البخاري.
وانظري الفتوى رقم: 189451، للمزيد من الفائدة.
وإنما يجب على المرأة الجهاد إذا هاجم العدو المسلمين في عقر دارهم، ولم تحصل الكفاية بالرجال، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 7071.
لكن مجالات الجهاد كثيرة، ومن أهمها جهاد النفس حتى تستقيم على طاعة الله وتبتعد عن معصيته، ومنها: الجهاد بالحجة والبرهان والدعوة إلى الله تعالى وتربية الأجيال، والجهاد بالمال، ومنها: الحج والعمرة؛ كما تقدم في الحديث الذي مر ذكره... فهذه المجالات كلها وغيرها مفتوحة أمام المرأة المسلمة، وبها يمكنها أن تحصل على القرب من الله تعالى.
والله أعلم.