عنوان الفتوى : فضل الجهاد في سبيل الله تعالى بالمال
هل الجهاد بالمال ينال صاحبه مكانة عالية في الآخرة وتكون روحه في جوف طائر أخضر معلق في عرش الرحمن ويأمن من عذاب القبر والفزع الأكبر يوم القيامة ويضحك له الرحمن؟ فأنا أعيش في أميريكا ولا سبيل لي إلى الجهاد بنفسي وأنا أطمع في الأجر والثواب من الله وأنا أخاف من الموت. أرجو الإجابة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجهاد بالمال نوع من أنواع الجهاد المأمور به، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.
رواه أبو داود وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
وفضله عظيم فهو تجارة رابحة في ميدان الأعمال الصالحة التي تقرب إلى رضوان الله تعالى وسبب للنجاة من عذابه، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{ الصف:11،10}.
وفى فتح القدير للشوكاني: وقدم ذكر الأموال على الأنفس، لأنها هي التي يبدأ بها في الإنفاق والتجهز إلى الجهاد.
انتهى.
وقد ينال المجاهد بماله مكانة عالية في الجنة، أما باقي الخصال التي ذكرتها فهي خاصة بمن بذل نفسه في سبيل الله تعالى، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار ـ الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ـ ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه.
رواه الترمذي وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: الشهداء الذين يقاتلون في سبيل الله في الصف الأول ولا يلتفتون بوجوههم حتى يقتلوا فأولئك يلقون في الغرف العلا من الجنة يضحك إليهم ربك، إن الله تعالى إذا ضحك إلى عبده المؤمن فلا حساب عليه.
صححه الشيخ الألباني فى صحيح الجامع.
وفى صحيح مسلم عن مسروق قال: سألنا عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ عن هذه الآية: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون.
قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا.
انتهي.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 32629.
فقد علم مما ذكر أن الجهاد بالمال من القربات العظيمة وبالتالي، فينبغي أن تبادر إليه إن استطعت وستجد الثواب العظيم على ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ بشرط الإخلاص لله تعالى وأن يكون المال حلالا، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وراجع المزيد في الفتويين رقم: 107533، ورقم: 127386.
والجهاد بالنفس يجب بشروط تقدم بيانها في الفتوى رقم: 7730، وراجع في حكم الإقامة في بلاد الكفر فتوانا رقم: 28551.
والله أعلم.