عنوان الفتوى : الجهاد بالنفس أفضل وأعلى مراتب الجهاد
هناك في آيات القرآن الكريم أسبقية للجهاد بالأموال على الجهاد بالأنفس فهل يعني ذلك أن الجهاد بالأموال أفضل ’؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الجهاد مراتب، وأعلاه الجهاد بالنفس والمال معا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم .. إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه البخاري.
وقد ورد في كتاب الله تعالى تقديم الجهاد في سبيل الله بالمال في آيات كثيرة، كما جاء تقديم الجهاد بالنفس في آيات أخرى.
قال أهل التفسير: وذلك حسب السياق ومقتضى الحال الذي تتحدث عنه الآيات؛ فتقديم الجهاد بالمال لتقدمه على الجهاد بالنفس ولأن الإعداد والعدة أولا، ثم بعد ذلك يأتي دور المجاهد بنفسه، ولأن من لم يجاهد بماله لا يمكن أن يجاهد بنفسه، ولأن من الأشخاص من لا يستطيع الجهاد بنفسه فيجاهد بماله..
أو لأن المقام مقام تفسير وبيان لمعنى من المعاني كما في آية الصف: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {الصَّف:10} ... فإن المقام مقام بيان للتجارة الرابحة بالجهاد في سبيل الله فقدم المال هنا، وكما في آية التوبة: إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ {التوبة:111} فهي في معرض الاستبدال والعرض والطلب.. فقدم النفس لأنها أعز ما يملك الحي، وجعل في مقابلها الجنة وهي أعز ما يوهب، فالجهاد بالنفس هو أفضل الجهاد وأعلى مراتبه... كما قيل:
يجود بالنفس إذ ضن الجواد بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود.
وللمزيد عن الجهاد وأنواعه.. انظر الفتوى رقم: 38603.
والله أعلم.