عنوان الفتوى : حكم من يجاهد بغرض دخول الجنة ونيل أجر الشهادة
أنا شاب في الـ 16 من عمري، نويت الجهاد في سبيل الله على سن الـ 25, ونيتي صراحة من الجهاد هي دخول الجنة لما سمعته من فضل أجر الشهيد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه النية لا تتعارض مع قصد إعلاء كلمة الله تعالى؛ فإن الله تعالى إنما حثّ على الجهاد، والسعي في نيل الشهادة في سبيله، ورغب في ذلك بذكر الجنة وما أعد فيها من ثواب الشهداء والمجاهدين، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} [التوبة: 111]، وقال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ. يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ. خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ. [التوبة: 20 - 23]، وقال عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169 - 171].
ولما دنا المشركون من المسلمين يوم بدر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض. فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم. قال: بخ بخ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما يحملك على قولك: بخ بخ؟ قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال: فإنك من أهلها. فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة. فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل. رواه مسلم. وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتوى رقم: 224311.
وقال الدكتور عمر الأشقر في رسالته العلمية (مقاصد المكلفين): المقاصد تتنوع فيما بينها؛ ذلك أنَّ العباد يقصدون ربهم من جوانب مختلفة، فمنهم الذي يعبده تعظيما له وتوقيرا، ومنهم الذي يقصد الدخول في طاعته وعبادته، ومنهم الذي يطلب رضوانه ورضاه، ومنهم الذي يقصد الأنس به والتلذذ بطاعته وعبادته، ومنهم من يرجو التنعم برؤيته في يوم لقياه، ومنهم من يطلب ثوابه من غير أن يستشعر ثوابا معينا، ومنهم من يطلب ثوابا معينا، ومنهم من يخاف عقابه من حيث الجملة غير ناظر إلى عقاب معين، ومنهم من يخشى عقابا معينا. وتنوع المقاصد باب واسع، والعبد قد يقصد هذا مرة، وهذا مرة، وقد يقصد أكثر من واحد من هذه المقاصد، وكلّها تنتهي إلى غاية واحدة، وتعني في النهاية شيئًا واحدًا: أنّ العبد يريد الله سبحانه، ولا يريد سواه، وكل ذلك محقق للإخلاص. وأصحاب هذه المقاصد على الصراط المستقيم، وعلى الهدى والصواب. اهـ.
والله أعلم.