عنوان الفتوى : رغبة الرجل في الجماع وامتناع الزوجة.. المشكلة والحل
هناك مشاكل منذ فترة طويلة بين أبي وأمي بسبب الجماع, فأمي تكره الجماع؛ بحجة أنها تكره الرجال, ولكبر عمرها, أو لأن أبي يطالبها بالجماع الكثير, أو الدلع الذي لا يليق بكونها أمًا لخمس فتيات, وهي من عائلة متشددة, أما أبي فهو من عائلة مرفهة, غير محافظة بالشكل المعتدل, وحجته أن أمي معقدة, ولم تتعلم من أهلها أصول الزواج, أو الجماع, وأحيانًا يتهمها بالبرود, والجهل الجنسي, والمس بالجن, الذي لا يريد معاشرتها له, ويفضحها عند القريب والغريب؛ بحجة المصالحة, وذات مرة هددها, وهي عند أهلها, برفع دعوى النشوز, أو الطلاق, أو الزواج, كما أنه يهينها بالضرب, وسب الأب والأم, والدين, ولا يراعي بناته الخمس, أو السن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة طاعة زوجها إذا دعاها للفراش، ولا يجوز لها الامتناع إلا لعذر؛ كمرض, أو حيض, أو صوم واجب, أو ضرر يلحقها من الجماع، قال الشيخ مرعي الكرمي: وللزوج أن يستمتع بزوجته كل وقت, على أي صفة كانت, ما لم يضرها, أو يشغلها عن الفرائض.
وإذا أكثر الرجل على زوجته في الجماع: فإنهما يصطلحان على قدر مناسب لحالهما، قال المرداوي في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: قَالَ أَبُو حَفْصٍ، وَالْقَاضِي: إذَا زَادَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْجِمَاعِ, صُولِحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ, وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ جَعَلَ لِرَجُلٍ أَرْبَعًا بِاللَّيْلِ، وَأَرْبَعًا بِالنَّهَارِ, وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ صَالَحَ رَجُلًا اسْتَعْدَى عَلَى امْرَأَةٍ عَلَى سِتَّةٍ, قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَقُدِّرَ, كَمَا أَنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ لَهَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ, فَيَرْجِعَانِ فِي التَّقْدِيرِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ, قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِنْ تَنَازَعَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ كَالنَّفَقَةِ، وَكَوَطْئِهِ إذَا زَادَ.
فإن كانت أمك تمتنع عن الفراش لغير عذر: فهي ناشز، ومن حق زوجها تأديبها بالوعظ, ثم الهجر, ثم الضرب غير المبرح.
أما سب والديها: فغير جائز، وأعظم من ذلك سب الدين, فإنه كفر مخرج من الملة، كما بيناه في الفتوى رقم: 133.
فعليكم نصح أبيكم, وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر برفق وأدب, وأن تبينوا له حكم الشرع فيما يقع فيه من المنكرات، وعليكم نصح أمكم بطاعة زوجها في المعروف، وعليكم بر أبيكم وأمكم, مهما كان حالهما، فإن بر الوالدين من أوجب الواجبات.
والله أعلم.