عنوان الفتوى : حكم صرف الموظف في جهة خيرية مالا باسم فقير وهمي وأخذها لنفسه
أعمل في مؤسسة خيرية تقوم بجمع الصدقات، والزكاة، وتوزيعها على المحتاجين، وعلى قدر علمي أدخل ضمن فئة العاملين عليها والمستحقين لنصيب من الزكاة، ولكن المؤسسة لا تعطينا منها شيئا. فهل أكون آثما إذا أعطيتهم اسم شخص وهمي، فقير، وصرفت أنا المبلغ، وقمت بسداد ديوني؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المؤسسة مفوضة من قبل الحكومة في جمع الزكاة الواجبة، فأنتَ من العاملين عليها المستحقين لنصيب من الزكاة بنص القرآن.
قال ابن قدامة: ويعطى منها أجر الحاسب، والكاتب، والحاشد، والخازن، والحافظ، والراعي، ونحوهم، فكلهم معدودون من العاملين. اهـ.
لكن هذا النصيب يعطى للواحد بحسب ما تقدّره الحكومة، ليس للعامل أن يأخذ منها ما يراه هو. وقد سبق أن بيّنا ذلك في الفتوى رقم: 133254، وذكرنا فيها ما في ذلك مفصلاً، وما يفعله العامل إذا لم يُعط منها.
ثم إنك قد ذكرت أن عليك ديوناً، فإن كنت لا تقدر على سدادها فأنت من الغارمين، وعليه فيحق لك أن تُعطى بوصفين، لكن الأحوط أن تعطى من زكاتين، فتأخذ من زكاة باعتبار العمل عليها، ومن أخرى باعتبار الغارمين، أما من زكاة واحدة ففي أخذ العامل بالعمل وبصفة أخرى كالغرم والفقر وجهان ذكرهما النووي، وعلى الوجه بعدم الجواز فإنه يجوز للغارم أن يأخذ لغرمه فيسد بها دينه، ثم يأخذ باعتباره عاملاً ما دام باقياً في عمله.
قال زكريا الأنصاري الشافعي في الغرر البهية: "(ولا) يعطى واحد من زكاة واحدة (نصيبين لوصفي مستحقٍّ) اجتمعا فيه من أوصاف الاستحقاق؛ كفقير غازٍ، بل ما يختار منهما؛ لاقتضاء العطف في الآية التغايرَ. وفي الروضة كأصلها: لو كان العامل فقيراً فوجهان؛ بناءً على أن ما يأخذه أجرة أم زكاة. إن قلنا أجرة جاز أخذه من سهم الفقراء. وفيها عن الشيخ نصر المقدسي: إذا قلنا لا يعطى إلا بوصف واحد فأخذ الفقير الغارم بالفقر أو بالغرم، وأخذه غريمُه بدينه، فإن بقي فقيراً أعطي من سهم الفقراء؛ لأنه الآن محتاج. اهـ. يؤخذ منه أن محل منع إعطائه بوصفين إذا أعطي بهما دفعةً، أو مرتباً ولم يتصرف فيما أخذه أولاً. اهـ.
قال صاحب حاشية إعانة الطالبين: والمراد: لا يعطى بهما من زكاة واحدة. أما من زكاتين فيجوز أن يأخذ من واحدة بصفة، ومن الأخرى بصفة أخرى.
ولمعرفة شروط استحقاق الزكاة بالدين راجع الفتاوى أرقام: 207592، 127378، 161009.
والله أعلم.