عنوان الفتوى : حكم التجارة فيما يستعمل في كشف العورات
هل يعد استيراد التجار نظارة من لبسها يرى من أمامه عاريًا - حتى ولو كان يلبس ملابس طويلة للقدمين واسعة لا تشف - يعد كبيرة من الكبائر؟ ويتحمل كل زنا يحدث بسبب هذه النظارة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا تصور كاف لحقيقة هذا الجهاز, ولكن شك في حرمة استعمال مثل هذه التقنية، وما كان كذلك فلا يجوز استيراده وبيعه؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين. اهـ.
ولا يخفى أن المسألة هنا ليست مجرد نظر محرم، فاستعمال هذه التقنية أشد من ذلك، ويكفي ما فيه من التعدي على ستر الغير وانتهاك حرمته.
وقد عد ابن حجر الهيتمي في الكبائر: أن يطلع من نحو ثقب ضيق في دار غيره بغير إذنه على حرمه، وأورد فيه عدة أحاديث منها حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه ـ وحديث أنس بن مالك أن رجلا اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص أو بمشاقص فكأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه ـ وحديث سهل بن سعد قال: اطلع رجل من جحر في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه فقال: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ـ وكلها في الصحيحين وغيرهما ـ ثم قال: تنبيه: عدُّ هذا هو صريح هذه الأحاديث، وهو ظاهر، وإن لم أر من ذكره؛ لأن هدر العين صريح في أن ذلك الفعل فسق؛ لأن قلعها كالحد لنظرها، والحد من أمارات الكبيرة اتفاقًا، فكذا ما هو بمنزلته على أنه لا مانع من تسميته حدًّا؛ لكون الشارع رتب جواز فعله على هذا الفعل ولم يتجاوز به إلى غيره من بقية الأعضاء, وهذا شأن الحدود دون التعازير؛ إذ لا محل لها مخصوص من البدن، ولا ينافي ذلك أن لصاحب الدار ترك رميه؛ لأن ذلك بمنزلة حد القذف في جواز العفو عنه. اهـ.
ولا ريب في أن استعمال هذه التقنية أشد من مجرد الاطلاع على بيت دون إذن صاحبه؛ لما فيه من زيادة هتك الستر والاطلاع على العورات المغلظة في غفلة من صاحبها. وما كان كذلك فهو كبيرة بطريق الأولى. وعندئذ نقول: إن استيراد مثل هذه النظارات والاتجار فيها يعد من الإعانة على كبيرة من الكبائر، وما كان كذلك فهو كبيرة أيضا، وقد عد ابن حجر في الزواجر من الكبائر: الرضا بكبيرة من الكبائر أو الإعانة عليها بأي نوع كان، وقال: ذكري لهذين ظاهر معلوم من كلامهم فيما يأتي في بحث ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. اهـ. ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية: 13614 13720 17976 ، 147127، 146069. والله أعلم.