عنوان الفتوى : هل ينفذ التبرع لغير الورثة
هناك امرأة كبيرة في السن قد تبرعت وكتبت ما تملكه من بيت وأراض تخصها لأبناء عم العم ممن لا يستحقون الإرث منها في حال وفاتها، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد تبرعت بهذا المال حال صحتها ورشدها على أن التبرع ينفذ أثناء حياتها، ودون توقيف على موتها وحيز حيازة حقيقية للموهوب لهم، فهو هبة صحيحة لا شيء فيها من جهة الشرع؛ لأن الإنسان له حرية التصرف في ماله، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير، أو إنفاق في أوجه غير مشروعة، وقد حصل ذلك من الصحابة - رضي الله عنهم - وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله، ولأن ذلك داخل تحت قول الله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:254]، وقوله تعالى:وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ [آل عمران:133، 134].
وغير ذلك من الآيات التي تأمر بالإنفاق وتحض عليه، وليس في مثل هذا الإنفاق شبهة الإضرار بالورثة؛ لأن المال ينتزع من المنفق في حياته، فما كان من ضرر فإنه سيعود عليه أولاً.
وفي هذه الحالة لا يجوز للورثة المطالبة بشيء مما تبرعت به المتوفاة، لأنه صار ملكاً خاصاً للموهوب لهم.
أما إذا كان التبرع بهذا المال الذي تبرعت به المرأة للمذكورين موقوفاً على موتها، فإن له حكم الوصية، قال ابن قدامة في المغني: والعطايا المعلقة بالموت، كقوله - إذا مت فأعطوا فلاناً كذا، أو أعتقوا فلاناً ونحوه - فوصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا. اهـ
وهذا يعني أنها تأخذ حكم الوصية، فلا يمضي منها ما كان أكثر من الثلث، ولا يصح أن تكون لوارث، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
19503.
والله أعلم.