عنوان الفتوى : حكم قذف امرأة خرجت متعطرة بالزنا
إذا قذفت امرأة متعطرة. هل يطبق علي حد القذف في الدنيا، وأعاقب في الآخرة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها، فهي زانية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قذف الشخص لامرأة بالزنا لمجرد أنها متعطرة، يستحق به صاحبه العقوبة في الدنيا والآخرة إذا لم تعف عنه، وتسقط حقها. فمن المعلوم عند أهل العلم أن من قذف مسلما، حرا، بالغا، عاقلا، عفيفا عن الفاحشة التي رمي بها، فقد استحق حد القذف. وللمقذوف الحق في مطالبة الحاكم بإقامة الحد عليه، وعلى الحاكم أن يطبق عليه الحد ما لم يعف عنه المقذوف.
ولا شك أن خروج المرأة متعطرة ليجد الرجال ريحها حرام، وقد عده بعض أهل العلم من الكبائر؛ لما أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. أنه صلى الله عليه وسلم قال: كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني زانية. وما أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما: أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية، وكل عين زانية. رواه الحاكم وصححه؛ وانظر الفتوى رقم:130258 وما أحيل عليه فيها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "فَهِيَ زَانِيَة" ليس معناه أنها زانية حقيقة، وأن ذلك يبيح قذفها بالزنا، وإنما سميت زانية مجازا مبالغة، وتهديدا، وتشديدا عليها؛ فهو كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ من الزنى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ ... الْحَدِيثَ.
قال العلامة المناوي في فيض القدير: أَي كل عين نظرت إِلَى أَجْنَبِيَّة عَن شَهْوَة، فَهِيَ زَانِيَة (وَالْمَرْأَة إِذا استعطرت فمرت بِالْمَجْلِسِ) مجْلِس الرِّجَال (فَهِيَ زَانِيَة) لِأَنَّهَا هيجت شَهْوَة الرِّجَال بعطرها، وحملتهم على النّظر إِلَيْهَا، وَمن نظر إِلَيْهَا فقد زنى بِعَيْنِه فَهِيَ سَبَب زنا الْعين فَهِيَ آثمة... فسميت لذلك زانية مجازا.. مبالغة وتهديدا وتشديدا عليها.
وقال المباركفوري في مرقاة المفاتيح: ومن نظر إليها فقد زنى بعينه، فإذا هي سبب زناه بالعين، فتكون آثمة بإثم الزنا.
ولكن ذلك لا يسقط الحد عن من قذفها، وقد بينا أنه لا يقال عن المرأة عاهرة مهما بالغت في التبرج؛ لأنه من ألفاظ القذف. وانظر الفتوى رقم: 123940.
والله أعلم.