عنوان الفتوى : تمليك المستحقين المقدار الواجب في الإطعام هو الأولى
ففي إطار حملة "قفة رمضان" التي تشرف عليها جمعية "تراحموا" والقاضية بجمع مختلف التبرعات، وإيصالها إلى مستحقيها طيلة شهر رمضان، تطرقنا إلى مسألة "كفارة الصيام" وحكم إخراجها لنقف عند سؤالين اثنين: 1. هل يجوز إخراج هذه الكفارة في شكل نقود للتيسير على مخرجها أم نكتفي بالطعام؟ 2. هل يجوز دمج المبالغ المخصصة لكفارة الصيام بغرض تحضير موائد إفطار جماعية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما أخذكم القيمة بدلا من الطعام، فإن كنتم ستشترون بها طعاما وتدفعونه للمستحقين، فأنتم وكلاء عن المكفر، فهذا لا حرج فيه بحال، وأنتم مأجورون على ذلك إن شاء الله. وأما إن كنتم تدفعون القيمة للفقير، فهذا محل خلاف بين العلماء، والأولى عدم ذلك وأن تخرج الكفارة طعاما لا قيمة، خروجا من الخلاف، وإبراء للذمة بيقين؛ وانظر الفتوى رقم: 6673.
وأما جمع المال وجعله في إفطار الصائمين، فهذا جائز بشرط أن يكون من يدعى لتلك الموائد من المساكين المستحقين للكفارة؛ وانظر الفتوى رقم: 115558.
وأما إذا كانت هذه الموائد يحضرها من يستحق ومن لا يستحق، فلا تجعل فيها الكفارة وإنما تصرف للمستحقين.
والأولى بكل حال هو تمليك المساكين الطعام الواجب يتصرفون فيه كيف شاءوا، فإن كثيرا من العلماء قد ذهبوا إلى عدم إجزاء أن يغدي المساكين أو يعشيهم عن الفدية الواجبة، واشترطوا تمليكهم القدر الواجب.
جاء في الموسوعة الفقهية: التمليك هو إعطاء المقدار الواجب في الإطعام، ليتصرف فيه المستحق تصرف الملاك. والإباحة هي تمكين المستحق من تناول الطعام المخرج في الكفارة. كأن يغديهم ويعشيهم، أو يغديهم غداءين، أو يعشيهم عشاءين. وقد أجاز الحنفية، والمالكية التمليك، والإباحة في الإطعام، وهو رواية عن أحمد، وأجاز الحنفية منفردين الجمع بينها؛ لأنه جمع بين جائزين، والمقصود سد الخلة، كما أجازوا دفع القيمة سواء أكانت مالا أم غيره. وقال الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة: يجب التمليك ولا تجزئ الإباحة، فلو غدى المساكين، أو عشاهم، لا يجزئ؛ لأن المنقول عن الصحابة الإعطاء؛ ولأنه مال واجب للفقراء شرعا، فوجب تمليكهم إياه كالزكاة. انتهى.
والخروج من الخلاف بكل حال أولى.
والله أعلم.