عنوان الفتوى : عوامل الثبات أمام فتن الشهوات والشبهات
بارك الله فيكم. المسألة أني شاب في مقتبل العمر، وطالب في بلد أجنبي، وقد بلينا بزمان كثرت فيه الفتن، وأضحى المتمسك بدينه كالقابض على جمر. وليس هذا مقام للشكوى، فالشكوى لغير الله مذلة، وإنما هو بوح حبيبٍ لمن أحبهم في الله. فبدءا بفتنة النساء التي أضحت سلعة تباع وتشترى إلا من رحمه ربي. ومروراً بما تمر به الأمة من ظرف ألبس فيه الحق بالباطل والعكس، وأصبح التفريق بينهما عسيراً، خاصةً وأن وسائل الإعلام غالباً تخدم تيارات معينة، وأفكارا وأهدافا خاصة. فما نصيحتكم وتوجيهكم بارك الله فيكم، وجزاكم خيري الدنيا والآخرة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند حلول الفتن بشتى أنواعها يحتاج المسلم إلى أمرين مهمين: أولهما: العقل الكامل لرد فتن الشبهات، والبصر النافذ لرد فتن الشهوات.
قال ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل: فأخبر أن المنافقين لو خرجوا في جيش المسلمين ما زادوهم إلا خبالا، ولكانوا يسعون بينهم مسرعين يطلبون لهم الفتنة. وفي المؤمنين من يقبل منهم ويستجيب لهم إما لظن مخطىء، أو لنوع من الهوى، أو لمجموعهما؛ فإن المؤمن إنما يدخل عليه الشيطان بنوع من الظن واتباع هواه؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يحب البصر النافذ عند وجود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات ... اهـ.
وهنالك وسائل مهمة تعين المسلم على الثبات على الحق، وقد ذكرنا جملة منها بالفتوى رقم: 1208 ، والفتوى رقم: 10800 راجعهما.
ولا بد من التنبيه على أن وجود المسلم في بلد غير مسلم يعرضه لكثير من المخاطر والفتن، فالسلامة كل السلامة في الإقامة في بلد مسلم يستطيع أن يحفظ فيه دينه، ويعبد ربه من غير حرج يلحقه في ذلك. فلا ينبغي للمسلم الإقامة هنالك لغير ضرورة أو حاجة معتبرة شرعا، بل من كان يخشى على نفسه الفتنة تجب عليه الهجرة. وراجع الفتوى رقم: 108355.
والله أعلم.