عنوان الفتوى : بيع المدين البيت الذي يسكنه ليقضي منه الدين
هل يبيع المدين البيت الذي يسكنه ليقضي منه الدين؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الله تعالى حرم المماطلة، وجعلها من الكبائر، والمماطلة هي عدم دفع المدين دينه في المواعيد المتفق عليها، ولا يعذر في ذلك إلا إذا صار مفلسا، والإفلاس هو أن لا يجد ما يقضي به دينه، واختلف العلماء هل مالك البيت يعتبر واجدا أم معسرا، والذي نراه في زماننا هذا هو أن البيت ثروة أي ثروة، يجب على المدين أن يبيعه ليقضي منه الدين وإلا كان آثما، ويستبقي معه ما يسكن به، إلا إذا سمح لك الدائن بغير ذلك.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
يترك للمفلّس من ماله ما يأتي :
أ – الثّياب : يترك للمفلّس بالاتّفاق دستٌ من ثيابه ، وقال الحنفيّة : أو دستان.
ويباع ما عداهما من الثّياب.
وقال الحنفيّة : يباع ما لا يحتاج إليه في الحال، كثياب الشّتاء في الصّيف.
وقال المالكيّة : يباع ثوبا جمعته إن كثرت قيمتهما، ويشتري له دونهما، وهو بمعنى ما صرّح به الحنابلة والشّافعيّة من أنّ الثّياب إن كانت رفيعةً لا يلبس مثله مثلها تباع، ويترك له أقلّ ما يكفيه من الثّياب.
وقال المالكيّة والشّافعيّة : يترك لعياله كما يترك له من الملابس.
ب – الكتب : وتترك له الكتب الّتي يحتاج إليها في العلوم الشّرعيّة وآلتها ، إن كان عالماً لا يستغني عنها.
عند الشّافعيّة، وعلى قولٍ في مذهب المالكيّة.
والمقدّم عند المالكيّة أنّها تباع أيضاً.
ت – دار السّكنى : قال مالكٌ والشّافعيّ – في الأصحّ عنه – وشريحٌ : تباع دار المفلّس ويكترى له بدلها، واختار هذا ابن المنذر، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لغرماء الّذي أصيب في ثمارٍ ابتاعها : « خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلاّ ذلك ».
وقال أحمد وإسحاق، وهو قولٌ عند الحنفيّة والشّافعيّة.
لا تباع داره الّتي لا غنًى له عن سكناها.
فإن كانت الدّار نفيسة، بيعت واشتري له ببعض ثمنها مسكنٌ يبيت فيه، ويصرف الباقي إلى الغرماء.
ث – آلات الصّانع : قال الحنابلة وبعض المالكيّة : تترك للمفلّس آلة صنعته، ثمّ قال المالكيّة من هؤلاء : إنّما تترك إن كانت قليلة القيمة، كمطرقة الحدّاد: وقال بعضهم : تباع أيضاً.
ونصّ الشّافعيّة أنّها تباع.
ج – رأس مال التّجارة : قال الحنابلة وابن سريجٍ من الشّافعيّة : يترك للمفلّس رأس مالٍ يتّجر فيه، إذا لم يحسن الكسب إلاّ به.
قال الرّمليّ : وأظنّه يريد الشّيء اليسير، أمّا الكثير فلا.
ولم نر نصّاً في ذلك للحنفيّة والمالكيّة.
القوت الضّروريّ : عند المالكيّة والحنابلة : يترك للمفلّس أيضاً من ماله قدر ما يكفيه وعياله من القوت الضّروريّ الّذي تقوم به البنية، لا ما يترفّه.
قال المالكيّة : وتترك له ولزوجاته وأولاده ووالديه النّفقة الواجبة عليه، بالقدر الّذي تقوم به البنية.
وهذا إن كان ممّن لا يمكنه الكسب، أمّا إن كان ذا صنعةٍ يكتسب منها، أو يمكنه أن يؤجّر نفسه فلا يترك له شيءٌ.
ثمّ قد قال المالكيّة : يترك ذلك له ولمن ذكر قدر ما يكفيهم إلى وقتٍ يظنّ بحسب الاجتهاد أنّه يحصل له فيه ما تتأتّى معه المعيشة.
أمّا عند الشّافعيّة فلا يترك له من القوت شيءٌ ما عدا قوت يوم القسمة، ولا نفقة عليه أيضاً لقريبٍ، لأنّه معسرٌ بخلاف حاله قبل القسمة.
وتسقط نفقة القريب لما بعد القسمة أيضاً عند الحنابلة.
«الإنفاق على المفلّس وعلى عياله مدّة الحجر وقبل قسمة ماله على الغرماء»
والله أعلم .