عنوان الفتوى : الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها ملغاة
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته حدث في أحد الأيام عندما كنت في أحد أسوإ الأحوال أني قلت حرام عليك يا الله ثم استغفرت ربي في نفس اللحظة إلا أني قلتها 5 أو 6 مرات بعدها كأني فقدت القدرة على السيطرة على عقلي لكني بعد لحظات قليلة وبعد أن هدأت نفسي فكرت فيما قلت جيدا وبدأت استغفر الله عز و جل أنا أعلم بأن الله تبارك وتعالى له كمال الصفات فسبحان الله عما يقول الجاهلون. سؤالي: هل والعياذ بالله ما قلت أخرجني من ملة الإسلام والعياذ بالله؟ وماذا علي أن أفعل حتى يعفو الله عني ويغفر لي ويتوب علي؟ جزاكم الله جنة الفردوس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ضعف اليقين، وقلة الصبر الفزع، وإساءة الأدب مع الله تعالى إذا نزلت بالشخص نازلة، أو حلت به مصيبة، وهذا على خلاف ما أمرنا الله به في مثل هذه الأحوال، كما قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون)َ [البقرة:155-156].
وقوله تعالى واصفاً عباده الصالحين: (إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ) [المعارج:19-22].
واعلم أن الله تعالى لا يُسئل عما يفعل وهم يسئلون، فهو مالك الملك يتصرف فيه كيف يشاء أخذاً وعطاء قبضاً وبسطاً لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه.
وإذا كنت تلفظت بهذه العبارة في حالة من الغضب الشديد بلا قصد أو عقد قلب عليها فإن الله تعالى أكرم من أن يؤاخذك، وأنت في مثل هذه الحالة، فالله تعالى يقول: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة: 286].
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: ومن تدبر مصادر الشرع وموارده تبين أن الشارع ألغى الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها، بل جرت على غير قصد منه كالنائم والناسي والسكران والجاهل والمكره والمخطئ من شدة الفرح أو الغضب أو المرض ونحوهم، ولم يكفر من قال من شدة فرحه براحلته بعد يأسه منها "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" إلى أن قال: فرفع عنها (أي الأمة المسلمة) المؤاخذة بذلك كله حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح والغضب والسكر، كما تقدمت شواهده. أ.هـ إعلام الموقعين. 3/86
والله أعلم.