عنوان الفتوى : بيان أن ذكر أحوال الحكام الظالمين ليس من الغيبة المحرمة
سؤالي لو سمحتم: هل يجوز للمسلم أن يسب الحكام الظالمين ويتكلم فيهم بالسوء؟ وهل يعتبر هذا من الغيبة؟ فأنا عندما أسمع أخبارا في التلفاز عن أحوالهم وكذبهم لا أتحمل أن أسكت وأفرغ ما بداخلي من غضب بواسطة الكلام فيهم، فأرجو إفادتي وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلمنا على سب الحكام في الفتوى رقم: 34205.
ومن جاهر بفسقه جاز ذكره بما جاهر به لمصلحة شرعية معتبرة؛ كالتحذير منه أو الشكوى لمن يرفع ظلمه، ولا يعد ذلك من الغيبة المحرمة، قال الحافظ في الفتح: وقد ذكر النووي أن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به، ونقل أيضاً عن ابن العربي وهو يتحدث عن الستر على النفس قوله: هذا كله في غير المجاهر، فأما إذا كان متظاهراً بالفاحشة مجاهراً، فإني أحب مكاشفته والتبريح به لينزجر هو وغيره. هـ.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم عند الكلام على حديث: بئس رجل العشيرة ـ وفي هذا الحديث مداراة من يتقي فحشه، وجواز غيبة الفاسق المعلن فسقه، ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه. هـ.
وفي أسنى المطالب في شرح روض الطالب: وتباح الغيبة للتحذير من فسق أو ابتداع خاطب ومخطوبة ووال بأن يبين لمن له عليه ولاية، وراوي علم بأن يبين للآخذ عنه، وفي معناه الشاهد، وصرح به الروضة، وللتحذير من عيب خاطب ومخطوبة ومشترى بفتح الراء، وتباح الغيبة باللقب لتعريف كالأعمش والأعرج إن كان معروفا به، ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى، والشكوى أي وتباح الغيبة لأجل شكوى ظالم عند منصف له كأن يقول له: ظلمني فلان وفعل بي كذا، وتباح الغيبة لفاسق أي لأجل فسقه عند من يمنعه كأن يقول له: فلان يعمل كذا فازجره عنه، وعند مفت كأن يقول له: ظلمني فلان فهل له ذلك؟ وما طريقي في خلاصي منه؟ والأحوط أن يقول: ما تقول في رجل كان من أمره كذا؟ وكل ذلك للنصيحة والتحذير لا لإيذاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ـ رضي الله عنها ـ لما أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها: أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، انكحي أسامة بن زيد، رواه مسلم.... ومن تجاهر بمعصية كشرب خمر ومصادرة الناس وجباية الأموال ظلما ذكر بها فقط أي لا بغيرها إلا أن يوجد لجواز ذكره سبب آخر، قال ابن العماد بعد قولهم ذكر بها، قال الغزالي في الإحياء: إلا أن يكون المتجاهر بها عالما يقتدى به فيمتنع غيبته، لأن الناس إذا اطلعوا على زلته تساهلوا في ارتكاب الذنب. هـ.
والله أعلم.