عنوان الفتوى : حكم السفر بدون إذن الوالد لحاجة تحصيل المال لعلاجه
شيخي الفاضل لي سؤال وهو أن والدي قد ابتلاه الله بمرض الزهايمر وكان يعيش مع أخي بمفردهما وأنا رجل متزوج من ابنة عمي وعند علمي بإصابة والدي بهذا المرض قررت أنا وزوجتي الذهاب للعيش معه فأصبحت بجانبه أنا وزوجتي وأخي وتطور المرض مع والدي وأصبح غير مدرك ولا يستطيع الاعتماد على نفسه وينسى الأشياء الأساسية، والحمد لله نحن بجانبه ونقوم برعايته ونقوم على خدمته ولكن شيخي الفاضل قد أرهقتنا مصاريف العلاج بجانب تكاليف المعيشة، فإن والدي يحتاجنا دائماً بجانبه ويشعر بالقلق والتوتر عند غياب أحدنا من جانبه وتأتي أيام لا نستطيع شراء الدواء لعدم توفر المال لشرائه وضغط الحياة فقررنا أن يسافر أحدنا للخارج للمساعدة في تكاليف العلاج والمعيشة واتفقنا على أن أسافر أنا للعمل كي أساعد في تكاليف العلاج ومنها أيضاً أن أقوم بتجهيز شقة الزوجية فشقة الزوجية الخاصة بي ما زالت على الطوب كما يقولون وكنت أجلس فيها هكذا فوافقت على أن أسافر وعند الانتهاء من تجهيز شقتي أرجع لرعاية أبي ويسافر أخي بدلا مني وأن يظل أخي بجانب أبي طوال فترة سفري وعند العودة يسافر هو لتكوين مستقبله، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن احتاج إلى السفر لنحو معاش جاز له السفر دون إذن والديه، قال القرافي المالكي: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: إنْ أَرَادَ سَفَرًا لِلتِّجَارَةِ يَرْجُو بِهِ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِنْ رَجَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِي كَفَافٍ وَإِنَّمَا يَطْلُبُ ذَلِكَ تَكَاثُرًا فَهَذَا لَوْ أَذِنَا لَهُ لَنَهَيْنَاهُ، لِأَنَّهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ دَفْعَ حَاجَاتِ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ تَأَذَّى بِتَرْكِهِ كَانَ لَهُ مُخَالَفَتُهُمَا؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.
وقال الأنصاري الشافعي: أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْأَمْنُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ.
وقال ابن نجيم الحنفي: وَأَمَّا سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَيْهِ، لِأَنَّهُ ليس فيه خَوْفُ هَلَاكِهِ.
فإذا جاز مثل هذا السفر دون إذن الوالد الذي يعي الأمور ويدرك المقاصد فهو مع الوالد الذي لم يعد يميز بين المصالح والمفاسد أولى بالجواز.
وعليه؛ فما دمت بحاجة للسفر المذكور ولن تضيع أباك، بل ستتركه مع أخيك فلا حرج عليك في هذا السفر بغير إذن أبيك، ولا تكون عاقا بمخالفته في هذا الأمر.
والله أعلم.