عنوان الفتوى : صدقة الأب على الأولاد وإعطاؤهم من الزكاة
هل يجوز للأب أن يتصدق من ماله على أبنائه المتزوجين إذا كانوا فقراء؟ وهل يجوز له أن يخرج زكاة ماله لهم إذا كانوا فقراء؟ جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صدقة التطوع على الأقارب الفقراء مستحبة, وإن كانوا ممن تلزم النفقة لهم, كلزوم نفقة الأبناء على الآباء، قال النووي في المجموع: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَانِبِ, وَالْأَحَادِيثُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ, قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْقَرِيبِ, وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ, قَالَ الْبَغَوِيّ: دَفْعُهَا إلَى قَرِيبٍ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى الْأَجْنَبِيِّ. انتهى.
وأما إعطاء الزكاة لهم: فالأصل أنه لا يجوز لوجوب نفقة الأب على أبنائه الفقراء المحتاجين؛ لأنه إذا أعطاهم زكاته واغتنوا بها سقطت عنه نفقتهم، فصار ببذله الزكاة مسقطًا لواجب عليه، والقاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يسقط بزكاته واجبًا عليه.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا، ولا للولد وإن سفل، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها الى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجز، كما لو قضى بها دينه. انتهى.
ولكن يستثنى من ذلك إن كان الأب له زكاة, وهو عاجز عن النفقة على أبنائه فيجوز إعطاؤهم.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: مسألة: إذا كان الأب فقيرًا، وعند الابن زكاة وهو عاجز عن نفقة أبيه، فهل يجوز أن يصرفها لأبيه؟
الجواب: يجوز أن يعطيها لوالده؛ لأنه لا تلزمه نفقته؛ لأن الابن لا يملك شيئًا، وهو هنا لا يسقط واجبًا، والزكاة إما ستذهب إلى الوالد أو إلى غيره، فهل من الأولى عقلًا فضلًا عن الشرع، أن أعطي غريبًا يتمتع بزكاتي ويدفع حاجته, وأبي يتضور من الجوع؟ الجواب: لا؛ لأنني لا أستطيع أن أنفق على والدي، ففي هذه الحال تجزئ الزكاة للوالد. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 127960، 136189.
والله أعلم.