عنوان الفتوى : التوفيق بين الإيمان بالقدر خيره وشره وحديث: عجبا لأمر المؤمن...
كيف أجمع بين ركن من أركان الإيمان وهو: "الإيمان بالقدر خيره وشره" وبين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيراً له" فالركن يشير إلى أن القدر إما خير أو شر، أما الحديث النبوي الشريف فيشير إلى أن قدر المؤمن كله خير لا شر فيه. توضيح لما أقصد: الموت، الجميع يراه شرا، وبذلك نحن نؤمن بالقدر خيره وشره. والموت نفسه يكون خيرا كما ذكر الحديث، فقد يكون المؤمن مريضا، فيموت، ويريحه الله، وصبره على الآلام وما إلى ذلك رفع درجات له، وبذلك يصبح خيرا للمؤمن. في هذه الحالة أين الشر في القدر الذي وجب علينا الإيمان به؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمع بينهما يسير وواضح, وهو أن الإيمان بالقدر خيره وشره ركن من أركان الإيمان، وهو الإقرار بأن ما يقع من شيء في الكون فهو من تقدير الله وخلقه سواء كان خيراً أو شراً. وكل قضاء الله خير لأنه عن حكمة بالغة وتقدير عليم, وإنما يكون ما هو شر في ظاهره فيما يعرض على العبد في حالة دون حالة, فربما رأى البعض أن الموت أو المرض شر له, والبعض يرى أنه خير؛ لأنه تكفير للذنوب أو مفارقة للدنيا وتعبها, وأما بخصوص حديث : عجبا لأمر المؤمن ... فإنما كان كل أمر المؤمن خيراً له لا من جهة أنه لا شر فيه؛ بل من جهة أنه كله له فيه أجر وقربة إلى الله، ومثوبة للعبد على حسن تعامله مع قدر الله وقضائه, فهو يتقرب في حالة السراء بالشكر، وفي حالة الضراء بالصبر, فيكسب في كلا حالتيه الأجر والمثوبة من الله, لصبره وشكره. مع أنه في الحديث: سماها ضراء أي فيها ضر وبلاء وربما رأى العبد أنها شر, لكن بصبره ورضاه عن الله تعالى وقدره يتحول ذلك إلى نعمة عليه يؤجر من ورائها. وانظر فتويينا : 47818. 99324.
والله أعلم.