عنوان الفتوى : الصداقة بين الأجانب من الجنسين باب شر وفتنة
هل الحديث مع الفتيات أو النساء على الإيميل أو الفيس بوك يعد زنا حتى لو كان هذا الحديث حديثا بريئا؟ وهل صداقة النساء أصلا على الفيس محرمة على الرغم من أن جميع تلك الأحاديث تكون كتابية، ونادرا أو لا يحدث أصلا حوارات عبر الصوت أو الفيديو؟ وإذا ما كانت محرمة فنحن في مجتمع مفتوح ونتحدث مع زميلاتنا في العمل كثيرا، وخاصة أن أغلب الموظفين نساء، وقد يكون في بعض الأحيان جميعهن نساء ولا يوجد رجل واحد، ونضطر إلى محادثتهن هاتفيا أو في أثناء العمل أو طلب خدمة، أو في العيد مثلا. فما حكم تلك المعاملات؟ وهل يحق للزوجة أن تمنع زوجها من الحديث معهن لأنها تقول إنها جميعها علاقات محرمة ولا تجوز؟ وماذا عن الزوج الذي يضطر إلى الحديث مع الفتيات لأن زوجته ترفض أن تمتعه كما يقول من خلال استخدام أوضاع مختلفة في العلاقة الخاصة بينهما وتقول لا يصح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم إقامة علاقة صداقة مع امرأة أجنبية عنه، ولا يجوز له محادثتها لغير حاجة عبر أي وسيلة من وسائل التواصل، فكل هذا من أسباب الفتنة، ومفاسده مما لا يخفى. وقد جاء الشرع بسد الذرائع فحرم كل وسيلة تقود إلى الوقوع في الحرام. وراجع الفتوى رقم: 30003.
ومحادثة الأجنبية يمكن أن تكون زنى وذلك فيما إذا استمع الرجل إلى صوتها متلذذا به، فزنا الأذنين الاستماع، وهو وإن لم يكن بمعنى الزنا الحقيقي الذي يوجب الحد إلا أن الشرع سمى مثل هذا زنى لكونه وسيلة إلى الوقوع في الزنا، وانظر الفتوى رقم 58914 وهي عن وسائل الزنا.
والأحاديث الكتابية، أو ما أسميته بالحديث البريء، يمكن أن تقود أيضا إلى الفتنة، فقد يتبادلان من خلال الكتابة عبارات الغزل، أو يتم التواعد، أو يرى كل منهما الآخر بواسطة الكاميرا، فليست الكتابة بمعزل عن أن تكون طريقا إلى الشر، والشيطان يقود إلى الوقوع في الفاحشة خطوة بعد خطوة، ولذلك حذر رب العزة من استدراجه والسير في خطاه حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
ولا يختلف الحديث مع المرأة الأجنبية في العمل عن الحديث معها في غيره، نعني أنه لا يجوز إلا للحاجة وبقدر هذه الحاجة ومع مراعاة الضوابط الشرعية، وإذا منعت الزوجة زوجها عن محادثتهن فقد نهته عن منكر.
وأما قول الزوج بأنه يحادثهن لكون زوجته لا تمتعه....الخ فعلة عليلة، وكلام يريد أن يبرر به سوء فعاله، فإنه لا يجوز له محادثتهن ولو لم تكن له زوجة، فضلا عن أن تكون له زوجة لا تمتعه على الوجه الذي يريده. ولا ندري ما هي الأوضاع التي يريدها الزوج في الا ستمتاع، وتأباها الزوجة، وما يمكننا قوله هنا هو أنه يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء إذا اتقى الحيضة والدبر كما هو موضح الفتوى رقم 9083. وبناء على هذا فلا يجوز للزوجة منع زوجها مما يحل له منها، ولا يجوز لها طاعته فيما يحرم.
والله أعلم.