عنوان الفتوى : ما يلزم من جاوز الميقات دون أن ينوي الدخول في النسك
لبست الإحرام من الطائف إلى مكة ولكني نسيت عند المرور من الميقات في الهدى نية الدخول في النسك، وقول لبيك اللهم عمرة حتى قاربت الدخول للحرم. فما الحكم؟ وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإحرام هو نية دخول النسك، وهو واجب عند الميقات ويصح قبله عند جمهور أهل العلم، وإن كان خلاف الأفضل كما سبق بيانه في عدة فتاوى سابقة منها الفتوى رقم : 119804، والنية لا تحتاج إلى جهد ولا لفظ فهي فعل قلبي يكفي فيه قصد الشروع في العبادة، وعليه فإذا كنت نويت النسك عند لبس الإحرام قبل الوصول إلى الميقات فإن ذلك يكفيك لأنك مررت بالميقات وأنت محرم، ونسيان التلبية لايؤثر على صحة العمرة لأنها ليست من الأركان، ولا من الواجبات، بل هي من السنن التي لا ينبغي التساهل فيها، لكن لا شيء على من تركها، وإن كنت لبست الإحرام فقط دون نية النسك، فكان عليك أن تحرم عند الميقات، وحيث إنك نسيت ذلك حتى جاوزته ثم تذكرت، فعليك أن تعود إلى الميقات لتحرم منه، فإن لم تفعل ذلك وأحرمت من مكانك فقد فاتك واجب من واجبات العمرة، ويلزمك لذلك دم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَاصِدًا الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ أَوْ الْقِرَانَ, وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ, أَثِمَ, وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَالْإِحْرَامُ مِنْهُ . فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ سَوَاءٌ تَرَكَ الْعَوْدَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ , وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا . لَكِنْ مَنْ تَرَكَ الْعَوْدَ لِعُذْرٍ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الرُّجُوعِ . وَمِنْ الْعُذْرِ خَوْفُ فَوَاتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِضِيقِ الْوَقْتِ, أَوْ الْمَرَضِ الشَّاقِّ, أَوْ خَوْفِ فَوَاتِ الرُّفْقَةِ. وَذَلِكَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ . انتهى.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع عند قول المؤلف: ونيته شرط " أي : نية النسك , أي: نية الدخول في النسك شرط , فلابد أن ينوي الدخول في النسك, فلو لبى بدون نية الدخول, فإنه لا يكون محرما بمجرد التلبية, ولو لبس ثياب الإحرام بدون نية الدخول فإنه لا يكون محرما بلبس ثياب الإحرام, فإن التلبية تكون للحاج وغيره, ولبس الإزار والرداء يكون للمحرم وغيره. انتهى.
وفي مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى جوابا لسؤال جاء فيه: ما حكم تجاوز الميقات في الحج والعمرة؟ فأجاب: لا يجوز للمسلم إذا أراد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات الذي يمر به إلا بإحرام، فإن تجاوزه بدون إحرام لزمه الرجوع إليه والإحرام منه، فإن ترك ذلك وأحرم من مكان دونه أو أقرب منه إلى مكة فعليه دم عند كثير من أهل العلم يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء؛ لكونه ترك واجباً وهو الإحرام من الميقات الشرعي. انتهى.
وفي مجموع الفتاوى له أيضا : إذا كان نوى العمرة عند إحرامه ولكن نسي التلبية وهو ناو العمرة، حكمه حكم من لبى، يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق، فلو لم يلب فلاشيء عليه. انتهى.
والله أعلم.