عنوان الفتوى : حكم قتل المسلم الذي يقاتل في صفوف الكفار
لو افترضنا أن شخصا يعيش في بلد غالبيته مسلمة، ونشأت حرب بين المسلمين والكفار في هذا البلد، فانقسم المسلمون قسم يقاتل مع المسلمين وقسم من المسلمين يقاتل مع الكفار لجهلهم بأنّ هؤلاء كفار، ولجهلهم بتعاليم دينهم، فقتل المسلمين للكفار هذا لا شك فيه جائز. لكن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحرم على المسلم مظاهرة الكفار على المسلمين، لقوله تعالى : لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. {آل عمران:28}.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النواقض للإسلام: الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين. انتهى.
وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله : فيمن تولى الكفار ونصرهم وأعانهم على المسلمين أن هذه ردة من فاعله يجب أن تجري عليه أحكام المرتدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم. انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في فتاويه: وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم. انتهى.
وقال أيضا: أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الإسلام؛ لقول الله عز وجل: ومن يتولهم منكم فإنه منهم. انتهى.
وقال الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله: ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم، وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة ـ نعوذ بالله من ذلك. انتهى.
ومن فعل ذلك فقاتل المسلمين فيجوز دفعه بالقتال إن لم يستجب للحق ويترك ما هو فيه من الاعتداء. فقد روى مسلم وغيره أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك" قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله" قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد" قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: السنة والإجماع متفقان على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل وإن كان المال الذي يأخذه قيراطاً من دينار؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد.
وقال ابن قدامة في المغني: إن لم يمكنه دفعه إلا بالقتل، أو خاف أن يبدره بالقتل إن لم يقتله، فله ضربه بما يقتله، أو يقطع طرفه، وما أتلف منه فهو هدر، لأنه تلف لدفع شره، فلم يضمنه.
والله أعلم.