عنوان الفتوى : العلماء يرجعون فيما لا يعرفونه من شؤون الحياة لأهل الخبرة الثقات
إخوتي في الله أود أن أستشيركم في موضوع ونصه كالتالي: على ماذا يستند العلماء في الفتاوى؟ وهل يستشيرون علماء آخرين مثلاً كعلماء الطب والاقتصاد والسياسة إلى آخره قبل أن ينشروا الفتوى، أو يأخذونها فقط من الكتاب والسنة؟ وهل هناك حديث صحيح يدل على أنه لا يتفق علماء الدين في شيء إلا وهو صحيح؟ وقد سألت هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل: 43}.
وأهل الذكر عام في كل من يعزى إليه علم، فأهل الذكر هم أهل الاختصاص في كل فن، كما سبق في الفتوى رقم: 38050.
ولذلك، فإن الأمور التي تحتاج إلى معرفة وخبرة بفن خاص، كالطب والتجارة والزراعة وأنواع الصناعات، لا يستقل بها الفقهاء في الفتوى، بل يجب عليهم الرجوع قبل الحكم فيها إلى أهل الخبرة، ويأتي هذا المعنى في كتب الفقه والسياسة الشرعية بلفظ: أهل البصر، وأهل المعرفة، وأهل الخبرة، ومن ذلك ما بوبه ابن فرحون في تبصرة الحكام في باب القضاء بقول أهل المعرفة، وصدَّر هذا الباب بقوله: يجب الرجوع إلى قول أهل البصر.. اهـ.
ولذلك، يجد السائل في كثير من فتاوانا الإحالة إلى أهل الخبرة والاختصاص، كما في الفتاوى التالية أرقامها: 46365، 124443، 74664.
وإذا اتضح هذا تبين أن الراسخين في العلم لا يتكلمون في دين الله تعالى إلا بعلم، ولا يصدرون الأحكام إلا بعد إدراك مآخذها والتعرف على مداركها، فعدم معرفتهم ببعض الجوانب المهمة في شئون الحياة المختلفة، لا يكون عائقا في هذا السيبل، لأنهم يرجعون فيها لأهل الخبرة الثقات، قبل إصدار الحكم.
وأما المسألة الثانية: فالمشهور عند جمهور العلماء أن الإجماع حجة شرعية ملزمة، وهو اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في أي عصر من العصور على أمر ديني، وقد سبق لنا بيان ذلك مع أدلته في الفتويين رقم: 4325، ورقم: 12160.
والله أعلم.