عنوان الفتوى : هل يجب على من أخطأ في سبب ورود الحديث أن يصحح خطأه
شيخنا الفاضل: سؤالي حول موضوع كتمان العلم: قمت بمحاضرة قصيرة في المدرسة حول الإرهاب في الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى، واستعرضت نصوصا تنادي بقتل الأطفال، ثم عقبت وقلت إن ذلك ينافي الفطرة وهذه وحشية، ثم بعد ذلك ذكرت أن المسلمين في الجهاد في سبيل الله لا يعتدون على الآخرين أي لا يقتلون الأطفال والنساء إلا في حالة ضربهم بالمنجنيق فهو لا يفرق بين صبي وامرأة ورجل، وقلت في هذه الحالة قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: هم منهم، ثم بعد انتهاء محاضرتي أمام أبناء قسمي وأمام الأستاذ تذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: هم منهم، لما كان الصحابة يهجمون على الأعداء بالليل فيصيبون الأطفال والنساء، وليس في الحالة التي قلتها، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص المسألة المذكورة في السؤال، فإنه يصح الاستدلال على جواز نصب المنجنيق على أهل الحرب وإن كان فيهم نساءٌ وأطفالٌ، بحديث الصعب بن جثامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الذراري من المشركين يبيَّتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال: هم منهم. متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله: هم منهم ـ أي في الحكم تلك الحالة، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: الشرع قد جاء في موضع بقتل الصبي والحامل تبعا كما إذا حوصر الكفار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف ونصب عليهم المنجنيق، وقد يقتل النساء والصبيان، وفي الصحيح أنه سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وصبيانهم، فقال: هم منهم ـ وقد ثبت عنه أنه نهى عن قتل النساء والصبيان. اهـ.
وقال ابن قدامة في الكافي: يجوز بيات الكفار، ورميهم بالمنجنيق والنار، وقطع المياه عنهم، وإن تضمن ذلك إتلاف النساء والصبيان، لما روى الصعب بن جثامة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأل عن الدار من ديار المشركين، نبيتهم فنصيب من نسائهم وذراريهم؟ فقال: هم منهم. متفق عليه. اهـ.
وبذلك يتبين للأخ السائل أنه لم يصب في حصر الجواز في حال الرمي بالمنجنيق، في قوله: لا يقتلون الأطفال والنساء إلا في حالة ضربهم بالمنجنيق، وأما قوله: وفي هذه الحالة قال رسول الله صلى الله عليه آله وسلم: هم منهم ـ فإن كان المراد صحة الاستدلال بهذا الحديث على هذه الحال، فهذا صواب، كما سبق بيانه، ولكن قد ذكر السائل أنه قال ذلك ناسيا لسبب ورود الحديث، فإن كان الحاضرون قد فهموا أن سبب الورود هو السؤال عن الرمي بالمنجنيق، فهذا وهم على السائل تصحيحه بتصحيح سياق الحديث وبيان سبب وروده كما ثبتت به الرواية، فإذا أمكن ذلك وتيسر تصحيح هذه المعلومة فلم يفعل السائل ولم يوجد غيره يقوم بذلك فالظاهر أنه يأثم بهذا، وراجع الفتوى رقم: 2424.
وأما وعيد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس ما حصل للسائل من هذا النوع، لأنه أولا: غير متعمد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليه.
وثانيا: لكون هذا الحديث قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفعل، ويصح الاستدلال به على المسألة التي كان السائل يتناولها.
والله أعلم.