عنوان الفتوى : كتم العلم غير جائز .
من تعلم العلم هل يصبح نقله للآخرين فريضة على المتعلم حتى لو كان القصد منه التعلم للعبادة الصحيحة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من علم من العلم شيئاً ثم كتمه عن الناس مع حاجتهم إليه ، فقد ارتكب ذنباً عظيماً لقوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).[البقرة:159] وهذه الآية - وإن نزلت في اليهود فإنها عامة في كل كاتم ، إذ العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب.
وقد نص العلماء على أن الكتم الملعون صاحبه على نوعين :
أ - تارة يكون بمجرد إخفاء المعلوم وستره مع مسيس الحاجة إليه وتوفر الداعي إلى إظهاره.
ب - وتارة يكون بإزالته ووضع شيء آخر موضعه .
- ولقوله صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم وكتمه ، ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث أبي هريرة وغيره، وقوله أيضاً: " بلغوا عني ولو آية ". رواه البخاري . من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، و"بلغوا": أمر، والأمر محمول على الوجوب ما لم يرد ما يصرفه إلى الندب، ولا صارف له هنا خصوصاً فيما دعت الحاجة إليه .
فالحاصل أن من علم من دين الله شيئاً ، فإنه يجب عليه أن يعلمه لكل من كان ذا حاجة إليه ، سواء تعلمه في الأصل لمجرد أن يعمل به أم لا؟ ثم ننبه السائل إلى أن بث العلم من الأعمال التي لا تنقطع بموت صاحبها ، فيظل أجره سارياً عليه ما دام هنالك من يعلمه أو يعمل به، لقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
والله أعلم.