عنوان الفتوى : الإقامة في الغرب وحكم العمل إذا اشتمل على بعض الشبهات
أظنه أنه قد حدث أمر حينما أرسلت سؤالي رقم: 2337542, لأنه تمت الإجابة على سؤال آخر تماما، وعلى أية حال, ها هو سؤالي مرة أُخرى من فضلكم أجيبوا على
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سعيك للهجرة إلى بلاد المسلمين مما يُشكر لك، وأما عن إقامتك الحالية في الغرب فقد بينا شروط جوازها في الفتوى رقم: 144781.
وخلاصتها أن يكون عند المرء من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يثبته على دينه، وأن تكون الأنظمة الحاكمة والأعراف السائدة عندكم لا تحول بينك وبين إقامة شعائر دينك، فإن كان الحال كذلك فالأمر في البقاء هناك لا بأس به، وإلا وجبت الهجرة متى تيسرت سبلها، وأما بالنسبة لأنواع العمل التي ذكرتها في سؤالك، فلا شك أنها تتفاوت من حيث الشبهة، ومنها بحمد لله ما يظهر جوازه، كالعمل في بيع العسل, ولا يضر أن الناس في هذه الديار قد يضيفون العسل إلى المحرمات كالخمر والخنزير فالذي يعنيك أنت هو حل بيع العسل، وأن الأصل في استعماله هو الأمور المباحة، وكذلك العمل في إصلاح الطابعات في شركة تبيع الخضروات، لا حرج فيه، لأن الأصل والغالب أن هذه الآلات إنما تستخدم في مصلحة العمل، وهو مجال مباح، ولا يضر وجود احتمال لإساءة بعض موظفي الشركة لاستعمال الطابعات في أمور محرمة شرعا، ثم إننا ننبهك على أن من محاسن الشريعة أنها تراعي حال الضرورة وتوسع الأمر إذا ضاق، فلو افترضنا أن أحداً من المسلمين لا يجد إلا مثل الأعمال المذكورة في السؤال ليسد به فاقته وفاقة من يعول ويحقق الحد الأدنى من الكفاف، فمثل هذا لا يؤمر بترك هذا العمل الذي يعتبر بالنسبة له ضرورة، بل يؤمر بما دل عليه قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.
وقوله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 144095.
وقد سبق لنا بيان مراتب الشبهات وحكمها في الفتوى رقم: 47544.
وشرح حديث: من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ـ في الفتوى رقم: 132932.
ثم ننبه أخيرا على أن الارتزاق من الشبهات أولى من سؤال الناس، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 109592.
والله أعلم.