عنوان الفتوى : الشبهات.. حكمها.. ومراتبها
الحمد لله: إني كنت قد سألت عن مسألة في بلدي وعندكم وقد أجابني المفتي من بلدي بجواز العمل الذي كنت سأقدم عليه. أما جوابكم فكان يشير إلى أن في المسألة شبهة فسألت أكثر ووجدت أن أكثر من سألتهم قالوا بالشبهة. ولكنني أقدمت على العمل محدثا نفسي بحاجتي إلى ذلك. وأنا الآن أشعر بالضيق الشديد والبكاء عند تذكري ذلك. فهل علي إثم عظيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكنا نود من الأخ السائل أن يذكر لنا المسألة التي قلنا فيها إنها مشتبهة، وعلى كل حال، فإن الورع عن الشبهات أصل عظيم من أصول الدين، كما قال صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. رواه مسلم.
والشبهات لها مثارات منها: الاشتباه في الدليل الدال على التحريم أو التحليل أو تعارض الحجج.
وقد اختلف العلماء في حكم الشبهات، فقيل بالتحريم وهو مردود، وقيل بالكراهة، وقيل بالوقف.
ومع اختلافهم في الحكم عليها، إلا أنهم متفقون على أن المؤمن كامل الإيمان وقاف عند الشبهات، للحديث: فمن اتقى الشبهات.
واعلم أن اجتناب الشبهات على مراتب:
الأولى: ما ينبغي اجتنابه، لأن ارتكابه قد يستلزم ارتكاب الحرام، كمن أراد أن يتزوج امرأة يشك في رضاعها معه.
الثانية: ما أصله الإباحة، كمن له زوجة وشك هل طلقها أم لا؟ فالأصل هنا بقاؤها في عصمته، فلا يلتفت إلى الشبه إلا بيقين.
الثالثة: ما تردد أصله بين الحلال والحرام، فالأولى تركه.
الرابعة: ما يندب اجتنابه، كمعاملة شخص يختلط ماله بالحرام.
الخامسة: ما يكره اجتنابه، كاجتناب الرخص الشرعية على وجه التنطع.
والله أعلم.