عنوان الفتوى : الأم كالأب في وجوب العدل بين الأولاد في الهبة
أمي لها معاش بالعملة الصعبة يأتيها من فرنسا، لأن أبي ـ رحمه الله ـ عمل هناك، والآن عمرها 72 سنة ولها سبعة أولاد ثلاث نساء كبيرات ومتزوجات، وأربعة ذكور، أنا وأخي متزوجان ومنفصلان، واثنان آخران معوقان ذهنيا تقريبا أحدهما عمره 30 سنة متخلف ذهنيا ولا يسمع ولا يتكلم جيدا والآخر عمره 44 سنة كان من قبل عاديا، وبعد ذلك مرض عقليا وتزوج ولكنه طلق، وهذان يعيشان مع أمي وهي التي تنفق عليهما وقالت لي مؤخرا إن أخي الصغير المعاق لم يأخد شيئا من معاشها وبما أنني أنا المسؤول عنها قلت لها هبيه مبلغا من المال مثلي أنا وأخي المتزوج والآخر المريض الذي طلق حيث أعطتنا المال لزواجنا، فقالت نعم سأهبه مبلغا مثلكم، وبالنسبة لأخواتي البنات فإحداهن أخدت الكثير من مال أمي بحجة أنها هي من تعبت في إخراج الوثائق لهذا المعاش والآن تأخد منحة الدولة لأمي لكبرها منذ مدة طويلة ـ حوالي عشر سنوات ـ والأخرى أخدت شيئا قليلا، والثالثة لم تأخد شيئا تقريبا، والمشكلة الكبيرة هنا يا شيخ هو أخي المتزوج فقد أصبح الآن ملتزما وأطلق لحيته وحرم كل أنواع العمل حيث لا يعمل ويجلس في المنزل ويفتعل المشاكل مع زوجته حيث طلقها مرتين ويأخذ المال من أمي، وفي سنة 2009 قالت لي أمي أعطه مبلغا ليستعمله في التجارة، ولأنه أخذ مبلغا من قبل واستعمله في التجارة ولم ينجح فخسره قلت لها زيديه مبلغا آخر ونشتري له سيارة ليعمل بها في الفرود لكن نكتبها باسمي لكي لا يحس بأنها ملكه فلا يحافظ عليها وحتى الآن خسرنا عليها حوالي نصف مبلغها وأنا والحمد لله ميسور الحال فلا آخذ شيئا من مال أمي سوى أني أحافظ لها عليه وأحاول أن تعدل في العطية بين أولادها، لأنها أمية لا تعلم، فما الحكم في هذا الأخ الذي لا يريد أن يعمل ويريد أن تعطيه أمي المال؟ وما حكم السيارة التي اشترتها له لكنه لم يحافظ عليها، والآن يريد أن تشتري له سيارة أخرى؟ سئمت من مساعدته يا شيخ وماذا تقول لأمي في القسمة في العطية بين أولادها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بالفتوى رقم: 6242، بيان اختلاف الفقهاء في حكم التسوية بين الأولاد في العطية، وقد رجحنا فيها القول بالوجوب، وذكرنا أن بعض العلماء ذهب إلى جواز التفضيل لحاجة.
والأم كالأب في وجوب العدل بين الأولاد، قال ابن قدامة: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب.
فبناء على القول بجواز التفضيل للحاجة لا حرج على أمكم فيما أعطت لبعضهم لعاهة أو لحاجته إلى الزواج ونحو ذلك، وأما ما أخذت إحدى أخواتك من المال الكثير بحجة تعبها في تحصيل الوثائق فلا يجوز لها ذلك، فإن لم تكن متبرعة بالقيام بهذا العمل جاز لها أن تأخذ أجرة مثلها في هذا العمل فقط ويجب عليها رد ما زاد، ويجب عليها أيضا رد ما ذكرت أنها كانت تأخذ من منحة الدولة لأمكم، وراجع الفتوى رقم: 6856.
وأما بالنسبة لأخيكم: فإن إعطاءه السيارة للعمل فيها يعتبر تفضيلا له على إخوته، فإن كان لذلك ما يسوغه كحاجته فلا حرج وإلا فلا، وإن كان سفيها لا يحسن تدبير المال فلا يعطى له أصلا للعمل فيه، فقد قال تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء:5}.
وراجع معنى الآية في الفتوى رقم: 27452.
وليعلم هذا الأخ أن الالتزام مما يدعوه إلى العمل والكسب المباح ويدعو إلى حسن الخلق مع زوجته لا كما هو حاله مما ذكرت عنه.
والله أعلم.