عنوان الفتوى : هجر القريب العاصي يدور مع المصلحة
أبي توفي ولم أره في حياتي غير مرات محدودة لأنه طلق أمي و تزوج من أخرى، وطيلة حياتي كانت علاقتي به جافة من طرفه ولكنني كنت أصله بين الحين والآخر، وبعد وفاته تقربت من إخوتي منه و هم أربعة بنات وصبي أكبرهم بنت عمرها 23 سنة و الباقي أصغر بعامين على التتابع وخلال محاولتي العيش معهم و نصحهم بأمور دينهم و دنياهم لم أوفق في ذلك فهم تعودو على الأغاني و الأفلام و الحجاب الذي نشهده بوقتنا الحالي و الذي لا يمت لأصول ديننا بشيء ولكنهم لم يسمعوا لي. وعندما قررت أن أبتعد عنهم وأتركهم لوالدتهم وعمتي التي تعيش معهم كي تتولى هي أمرهم بناء على طلبهم جميعا، وقد قررت ترك البلاد وطلبت منهم أن يعطوني حقي في ميراث أبي فراوغوني عدة مرات و لم أحصل منهم على شيء واضطررت أن ألجأ للمحكمة والقضية سارية من العام الماضي وحتى الآن. ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أتصل بهم علماً بأنني أعيش الآن بدولة مختلفة. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت قد قصرت في حق والدك فالواجب عليك التوبة إلى الله وتدارك ما فاتك من بره وذلك بالدعاء والاستغفار له والصدقة عنه وصلة الرحم من جهته وإكرام أصدقائه، وانظر في ذلك الفتوى رقم : 18806
والواجب عليك صلة إخوتك ، فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فالقريب الفاسق وغير الفاسق في وجوب الصلة سواء؛ بل أمر بصلة القريب المشرك ، كما بيناه في الفتوى رقم: 66144.
لكن هجر القريب العاصي لمعصيته يدور مع المصلحة ، فإن كانت مقاطعة إخوتك تفيد في ردّهم إلى الصواب فهي أولى، وإن كان الأصلح لهم الصلة مع مداومة النصح فهو أولى، وانظر الفتوى رقم : 14139، وصلتك لهم لا تمنعك من رفع أمرهم للقضاء للحصول على حقك من الإرث، فبادر بصلتهم ودعوتهم للخير، واعلم أن عزة المؤمن وكرامته لا تتعارض مع صلة رحمه وعفوه عن المسيء، بل إن ذلك مما يرفع قدره عند الله ويزيده عزا وكرامة.
والله أعلم.