عنوان الفتوى : تأبين الميت في منظار الشرع
توفي أبي قبل شهر تقريبا وقد كان ـ رحمه الله ـ رجل فعالا للخير وقام بكثير من الأعمال الصالحة في منطقتنا ووصل من العلم إلى درجات مهمة حتى كدنا نحن أولاده ننسى أعماله التي يشهد عليها الكثير، ونود عمل تأبين نذكر بها أعماله وهدفنا فقط عمل شيء لنذكر أولادنا وأجيالنا القادمة بأعمال جدهم وأن يتبعوا نهجه وخطاه فهل بالتأبين نوع من المراءاة؟ أو هل نهى عنه رسولنا الصلاة والسلام عليه؟ وجزاكم الله خيرا وأتمنى الجواب الشافي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيختلف حكم ما يعرف بالتأبين باختلاف المقصود منه ، فإن كان المقصود هو اجتماع أهل الميت لذكر محاسنه ومآثره بصورة تهيج الأحزان وتجدد اللوعة فهذا غير جائز، بل قد يعد هذا من جنس النياحة, وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المراثي. كما رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم.
أما إذا اجتمع أهل الميت بغرض ذكر أوصافه الحسنة دون أن يصحب ذلك منكر من تجديد الأحزان، أو المبالغة في الثناء بالكذب ولم يجر هذا مجرى التفاخر والمراءاة, ولم يتخذ ذلك عادة تتكرر وتعود بعود الزمان, فهذا لا حرج فيه ـ إن شاء الله ـ جاء في تحفة الأحوذي: المرثية المنهي عنها ما فيه مدح الميت وذكر محاسنه الباعث على تهييج الحزن وتجديد اللوعة، أو فعلها مع الاجتماع لها، أو على الإكثار منها دون ما عدا ذلك. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: تأبين الميت ورثاؤه على الطريقة الموجودة اليوم من الاجتماع لذلك والغلو في الثناء عليه لا يجوز، لما رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث عبدالله بن أبي أوفى قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المراثي ـ لما في ذكر أوصاف الميت من الفخر غالبا وتجديد اللوعة وتهييج الحزن، وأما مجرد الثناء عليه عند ذكره، أو مرور جنازته، أو للتعريف به بذكر أعماله الجليلة ونحو ذلك مما يشبه رثاء بعض الصحابة لقتلى أحد وغيرهم فجائز، لما ثبت عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال, صلى الله عليه وسلم وجبت, ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال وجبت فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ ما وجبت؟ قال هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض. انتهى.
والله أعلم.