روعة الضحى
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
روعة الضحىما أروع تلك الثنائية المتدفِّقة، المُترافقة في سورة الضحى؛ زمانًا ومكانًا، بياضًا وسوادًا، في سكون الضحى وحركته، وفي وداع الليل ولقاء النهار؛ ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ [الضحى: 1 - 2].
وسط هذه الثنائية الجميلة يَنبض قلب كريم باضطراب، ويتساءل: هل حقًّا انقطَع خبر السماء عن الأرض؟ كم أرَّقه هذا الخاطر في سكون الليل وضجَّة النهار! كلاَّ ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 3].
ويأتي النفي بسبب القلق، ولتحلَّ الطمأنينة، ولتهلَّ السَّعة بعد الضِّيق؛ ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4]، أجَل خير لك ولنا من حياة مليئة بالقلق والخوف، والقيل والقال.
﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]، يأتي الوعد بعطاء ورضًا لا حدَّ ولا حدود له، رضًا يُنعش النفس ويُرضيها في الأولى والآخرة للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولِمَن تَبِعه حقَّ الاتِّباع ببصيرة نافذة، ووَعْي يَقِظ، وقلبٍ مفتوح.
أجَل، فالمعطي ليس كمثله شيء، والمُعْطَى أفضل وأحسن وأكرم إنسان وُجِد أو سيوجد على ظهر هذه البسيطة.
ويأتي التقابل ليَجدك إن لَم تجده؛ ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 6 - 8].
"المأوى لِمَن لا أُسرة له، حتى إذا استقرَّ فيه بحَث عن الطريق الذي لا بدَّ أن يَنهجه لاستمرار حياته وإدامتها، وقد يُعطى ويعطى الكثير بعد ذلك، فتَحدث النعمة ويتحدَّث بها وعنها.
﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 9 - 11].
اليتيم لا يُقهر، فالقهر مُرٌّ، فكيف إذا اجتمَع مع مرارة اليُتم؟ ومَن أحسَّ باليُتم، فلا يَقهر يتيمًا أبدًا.